ملتقي اهل اللغه (صفحة 3364)

هل يمكن معرفة بحر البيت بمجرد سماعه؟

ـ[حمد الناصر]ــــــــ[15 - 12 - 2010, 03:39 ص]ـ

يا أهل اللغة ويا أرباب الأدب

لقد كنت أفرق بين موزون الشعر ومكسوره قبل أن أعرف أن فوق الأرض علم

يعرف بالعروض، وما زلت على هذه الحالة.

وتعلمت العروض، ولكن المشكلة هي أنني لا استطيع التقطيع بدون الورقة والقلم

فهل هذه نهاية العروض أم أن دارس العروض يمكنه أن يقطع بيت الشعر ويعرف بحره

بمجرد سماعه؟

وإن كانت الثانية، فما السبيل إليها؟

ودمتم سالمين.

ـ[محمد بن إبراهيم]ــــــــ[15 - 12 - 2010, 08:50 ص]ـ

بارك الله فيك.

يبدو أنك على مذهب الشاعر القائل:

قد كان شعر الورى صحيحًا ** من قبل أنْ يخلقَ الخليلُ

أخي العزيز،

يمكنك معرفةُ البحر من غير تقطيعٍ ولا نحوه، وذلك يحصل-إن شاء الله-بكثرة النظر في صور البحور المختلفة وحفظ قدر صالح من الأبيات لكلِّ صورة، وأقصد بالحفظ الاستظهار، ومما يثبتُ ذلك أيضًا التغني بالشعر على الطريقة العروضية، وأذكر أن أحد إخواننا الفضلاء قد صار هذا له ديدنا، فلا يقرأ بيتًا إلا قطعه عروضيًّا، فتراه يقرأ-مثلا-قول طرَفة:

أبا منذر أفنيتَ فاستبقِ بعضنا ** حنانيك بعض الشرِّ أهون من بعضِ

ينشده هكذا:

أبا منْـ/ذرن أفنيـ/تَفَسْتَبْـ/قِبَعْضَنَا * حنانيْـ/كَبَعْضُشْشَرْ/رِأَهوَ/نُمِمْبَعْضِ

يصنعُ هذا ما استطاع إليه سبيلا، وهذا حسنٌ، لكن لا ينبغي التزامُه دائما حتى لا يظنَّ أنه طريقة الإنشاد، وإنما يكون ذلك في أوقات المذاكرة ونحوها.

هذا ولعلّ الإخوة يزيدونك بيانًا ونصحًا.

ـ[عائشة]ــــــــ[15 - 12 - 2010, 01:18 م]ـ

كنتُ أتصفَّحُ -اليومَ- بحوث وتحقيقات العلاَّمة عبد العزيز الميمنيِّ؛ فوجدتُّهُ يقولُ (1/ 22):

(كنتُ درستُ الحماسةَ، وديوان المتنبِّي، ومقامات الحريريِّ، وسقط الزند على الأستاذ المرحوم الشيخ نذير أحمد الدهلوي، ومن خصائصه أنه كانَ يُترجم النُّصوص العربيَّة إلى اللغة الأرديَّة بأسلوب جميلٍ يجلُّ عن الوصف، وكان قادرًا على نظم الشِّعر العربي، بارعًا فيه، وأظنُّ أنَّ مقدرته الأدبيَّة كانت موهبةً من اللهِ، ولم تكن مَدينة للكُتُبِ، وكان متواضِعًا معي إلى حدٍّ كبير، والأسف أنَّه كانت المفارقة بيني وبينه بسبب بيت من أبيات «سقط الزند». توجد في «سقط الزند» ثلاثة أبيات:

وعلى الدّهر من دماء الشهيديـ ... ـنِ عليٍّ ونجلِه شاهدانِ

فهُما في أواخر اللَّيلِ فجرا ... نِ وفي أوليَاتِه شَفَقانِ

ثبتا في قميصه ليجيءَ الْـ ... ـحشر مستعديًا إلى الرحمنِ

قرأ الشيخ نذير أحمد «ثبتًا» -على أنه مصدر- بدلاً من «ثَبَتَا» (فعل ماضٍ، صيغة مثنَّى المذكَّر الغائب)، فقلتُ له: إذن يصير هذا البيت نثرًا، ثُمَّ بيَّنتُ مرادي بتقطيع الشعر حسب قواعد العَروض، فقال الشيخ:

شعر مي گويم به از آب حيات ... من ندانم فاعلاتن فاعلات

(أنا أقول الشعر أحسن من ماء الحياة، ولا أعرف فاعلاتن فاعلات)، فقلتُ: ولكنِّي أعرف «فاعلاتن فاعلات» هذه، فماذا أفعل؟

حدثت هذه الواقعة سنة 1906 - 1907م، ثم لم أذهب إليه، وإن كنتُ أتوقع من كرمه وتواضعه أنَّه لا يبخل عليَّ في إعطائي الفرصة للاستفادة منه) انتهى.

ثُمَّ أشكرُ الأستاذ/ المجد المالكيَّ -جزاه الله خيرًا- على ما تفضَّل به.

وهذا جوابٌ للأستاذ/ فيصل المنصور -وفقه الله-، نسختُهُ من الملتقَى -سابقًا-، يقولُ:

(لهذا طرقٌ عِدَّةٌ، منها:

1 - الإدراكُ بالأذنِ؛ فإذا عُرِضَ عليكَ البيتُ من الشِّعرِ عرفتَ من نمَطِ إيقاعِهِ بحرَه. وهذا لا يتأتّى إلا لذي أذُنٍ مرهفةٍ، ودُربةٍ في هذا العلمِ. ونظيرُه ما يُدرِكه أصحابُ النَّغم من المقاماتِ الصّوتيةِ بمجرَّد سماعها؛ فيعلمُ أنَّ هذا من مقامِ الصّبا، وذاك من مقام النَّهاوندِ ... إلخ. غيرَ أنَّ هذه الطريقةَ تكونَ يسيرةً في البحورِ البسيطةِ؛ أي: التي تفاعيلُها متماثلةٌ، كـ (فعولن فعولن فعولن فعولن) في المتقارِبِ، و (مستفعلن مستفعلن مستفعلن) في الرجز.

2 - أن تحفظَ من كلِّ بحرٍ بيتًا؛ فإذا أصبتَ بيتًا، وأردتَّ أن تعرفَ بحرهُ، عرضتَه عليهِ؛ فإذا أحسستَ بأذنِك أنَّ إيقاعَهما واحدٌ، فاعلمْ أنَّ بحرَهما الذي يُنميانِ إليهِ واحدٌ.

مثالُ ذلكَ أن تحفظَ لبحرِ الطويلِ بيتَ امرئ القيس:

قفا نبكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ ... بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخول فحوملِ

فإذا سمِعتَ هذا البيتَ:

لولا الحياءُ لهاجني استعبارُ ... ولزرتُ قبرَكِ والحبيبُ يزارُ

ولحنتَه متغنّيًا، علمتَ غيرَ شكٍّ أنه يفارقُ بيتَ امرئ القيسِ كلَّ المفارقةِ.

وإذا سمِعتَ هذا البيتَ:

ومن نكدِ الدنيا على الحرِّ أن يّرى ... عدوًّا له ما مِن صداقتِهِ بدُّ

وجعلتَه بإزاءِ بيتِ امرئ القيسِ، علمتَ أنهما بحرٌ واحدٌ، لتماثلِهما في الإيقاعِ.

3 - أن تقطعَ أولَ البيتِ إذا عُرِضَ عليكَ؛ فإن كانَ (فعولن)، فاعلمْ أنَّه لا يخلو إما أن يكونَ بحرَ الطويل، وإما أن يكون بحرَ المتقارب، لأنه ليس من البحور ما يبدأ بـ (فعولن) إلا هما؛ ولهذا عليك أن تعرف التفعيلة الأولى من كلِّ بحرٍ. ثمَّ تعيِّنُ أحدَهما من طريقِ الإيقاعِ، أو غيرِهِ؛ فمثلاً إذا كان البيت من بحر المتقاربِ، فإنك تدركه بسرعةٍ، لأنه كلَّه مبني على (فعولن) ثماني مراتٍ؛ فإن لَّم يكن من بحر المتقارب، أدركت من طريق (النّظر في البواقي) أنه من بحر الطويل. وهكذا تعملُ في كلِّ بحرٍ.

4 - أن تقطِّعَ البيتَ تقطيعًا كاملاً، ثم تعرفُ من خلالِ ذلكَ إلي أيِّ بحرٍ ينتمي. وهذه الطريقةُ متعبةٌ مملّةٌ) انتهَى.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015