ملتقي اهل اللغه (صفحة 3197)

إني بنصر الله مأزورٌ!

مأزور من الوِزر، ولعلّك تريد المؤازرة والنُّصرة وليست مأزور منهما.

ـ[البدر القرمزي]ــــــــ[31 - 08 - 2012, 11:56 ص]ـ

بارك الله فيك أخي الفاضل، هل تقصد أن الألفاظ المؤشّر عليها لاتوصل إلى معنى متكامل ويجب استبدالها بألفاظ أخرى حتى يُفهم البيت؟

نعم أخي الفاضل، هو ما ذكرتَ.

ـ[صالح العَمْري]ــــــــ[31 - 08 - 2012, 06:16 م]ـ

بارك الله فيكم.

إني بنصر الله مأزورٌ!

مأزور من الوِزر، ولعلّك تريد المؤازرة والنُّصرة وليست مأزور منهما.

جزيت خيرا أيها الأديب الحبيب، لكن الذي جاء به أخونا أبو عابد الهذلي على أن مأزور من النصر = صواب لا مطعن عليه، والذي قلتَه أنت أنه من الوِزر فيه نظر.

قال في اللسان: "يقال: أَزَرَهُ وآزَرَه أعانه وأسعده."

ثم قال بعد ذلك: "الفراء: أَزَرْتُ فلانا آزُرُه أَزْرًا قويته، وآزَرْتُه عاونته."

فترى أن "أَزَرَ" بمعنى "آزَرَ"، واسم المفعول من "أَزَرَ": مأْزور، واسم المفعول من "آزَرَ": مؤازَر، وهما بمعنى واحد.

فقول أخينا أبي عابد: "إني بنصر الله مأزور" معناه: إني مؤازَرٌ بنصر الله، فهو صحيح كما ترى.

* وأما ما قاله أخونا الأديب من أن "مأزور" من الوِزر، فغير صحيح، وإنما يقال: مَوزُور، بالواو.

فإن قيل ما تصنعون بقوله عليه الصلاة والسلام: "ارجعن مأزورات غير مأجورات"؟

قلت: أكثر من رأيت من العلماء يحملون هذا على الإتباع والازدواج، للتناسب بين "مأجورات" و "مأزورات"، ولهذا نظائر كثيرة، كقولهم: "إني لآتيه بالغدايا والعشايا"، والغداة لا تجمع على غدايا، وإن كان بعض العلماء صحح هذا الجمع، وكقولهم: "عندي لك ما ساءك وناءك"، والأصل فيه أناءك لأن ناء لا يتعدى بنفسه، وكقولهم: "هنأني الطعام ومرأني"، وإنما هو أمرأني، وكقول منظور بن مرثد الأسدي:

أزمانَ عَيناءُ سرورُ المسرورْ * عيناءُ حوراء من العِينِ الحِيرْ

والوجه فيه: الحور، قال الفراء: إنما قال الحِير لمكان العِين.

فإذا ثبت أن مأزورات في الحديث محمول على الإتباع، فإنه لا يجوز أن يقال في الإفراد: مأزور، ويكون مأخوذا من الوزر كما قال أخونا الأديب النجدي، لأنه إنما جاز هناك لمكان "مأجور" ومجاورتها لها.

وهذا هو الأصل في هذا الباب أنه متى افترقت اللفظتان وجيء بهذه مفردة جاءت على أصلها ووجهها الصحيح، فتقول من الوزر: موزور، لا مأزور.

قال في الصحاح: "وإنَّما قال في الحديث:" مَأْزورات" لمكان مأجورات ولو أفرد لقال: مَوْزُوراتٌ."

وقال أيضا: "البابُ يُجْمَعُ أبواباً، وقد قالوا أَبْوِبَة، للازدواج. قال ابن مُقْبِلٍ الشاعر:

هَتَّاكِ أَخْبِيَةٍ وَلاَّجِ أَبْوِبَةٍ ... يَخْلِطُ بالبِرِّ منه الجِدَّ واللِّينا

ولو أفْرَدَهُ لم يَجُزْ."

وقال ابن قتيبة في أدب الكتاب:

"قال الفراء وغيره: العربُ إذا ضمت حرفاً إلى حرف فربما أجْرَوْهُ على بِنْيَتِه، ولو أُفْرِدَ لتركوه على جهته الأولى؛ من ذلك قولهم: " إنِّي لآتيه بالعَشَايَا والغَدَايا " فجمعوا الغَدَاة غَدَايا لمَّا ضمت إلى العَشَايا وأنشد:

هَتَّاكُ أَخْبِيةٍ وَلاَّجُ أَبْوِبَةٍ ... يَخْلِطُ بالجِدِّ منهُ البِرَّ واللِّينا

فجمع الباب " أَبْوِبَةً " إذ كان مُتْبَعاً لأخْبِيَة، ولو أفرد لم يجز."

والمقصود من هذا أن أخانا أبا عابد قال: "إني بنصر الله مأزور"، فتراه قد أفردها، فلا يجوز أن يكون مأزور من الوزر كما قال أخونا الأديب النجدي إنما يقال من الوزر: موزور.

لكن قد يجوز ما ذكره أخونا الأديب مخرَّجا على قول ضعيف لبعض العلماء، وقد رده صاحب اللسان، وهو أن الهمزة في مأزور منقلبة عن الواو، فعلى هذا يجوز أن يقال في الإفراد: مأزور، إذ كانت الهمزة منقلبة عن الواو ولم يؤتَ بهذه الصورة للإتباع، لكن هذا قول ضعيف، وأكثر كلام العلماء على خلافه، وقد رده صاحب اللسان، قال:

"وفي الحديث: (ارْجِعْنَ مأْزُورات غير مأْجورات) أَصله موْزورات ولكنه أَتبع مأْجورات، وقيل: هو على بدل الهمزة من الواو في أُزِرَ، وليس بقياس لأَن العلة التي من أَجلها همزت الواو في وُزِرَ ليست في مأْزورات."

والله أعلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015