ـ[خشان خشان]ــــــــ[05 - 09 - 2013, 02:00 م]ـ
لأستاذي مهدي نصير آراء جذرية جريئة بالنسبة للعروض العربي، وقد رددت عليه بشكل مستفيض على الرابط
http://arood.com/vb/showthread.php?p=64911#post64911 (http://arood.com/vb/showthread.php?p=64911#post64911)
والمواضيع في طرحه وردّي ذات أبعاد ثقافية وفكرية. وفيما يلي الخلاصة التي رأيت نشرها في الطبعة الثانية من كتابي وهي فيما يخص العروض بشكل جد مباشر. آراء أستاذي مهدي كتبت بالأحمر.
كنتُ أتسائلُ دائماً عن سرِّ بعضِ الصِّيغ العروضية لبحور الشِّعر الخليليَّة وتصنيفها في دوائر محدودة يُفضي بعضها إلى بعض دون عناءٍ يُذكر، ولماذا أصرَّ الخليل على عزلها كبحورٍ مستقلَّة لا كصيغٍ مختلفة لدائرة شعريَّة واحدة؟.
ولماذا إصراره على بعض التفعيلات الشَّاذة (مفاعيلُ ومفعولاتُ مثلاً)؟ ولماذا كانت (فاعلن) تفعيلة أصيلة و (فَعِلن) زحَّافاً لها مع أنها الأكثر وروداً وتكراراً في المادة الشعرية التي استقرأها الخليل وحلَّلها وأحصاها واستخرج منها نظريته الفذَّة في عروض الشِّعر العربي؟
ثمة أمور تتغير مع الزمن والثقافة وأمور لا تتغير مع الزمن والثقافة.
من الأمور التي لا تتغير مع الزمن والثقافة حاجات الإنسان وغرائزه فهي لا تتغير أبدا لأنها متصلة بكينونة الإنسان.
طريقة إحساس العربي بالكم والهيئة في وزن شعره والإنجليزي بالنبر مما يتعلق بكينونة كل منهما وهي لا تتغير. وعلم العروض – لدى الخليل مثلا يبين الخصائص الكلية لذلك الإحساس أو تلك الذائقة بتقعيدها. ومن ثم وصف جزئياتها في العروض. الرابط التالي يبين الفارق بين العروض وعلم العروض:
لماذا طوَّر صيغاً وأهمل أخرى؟ لندرتها؟ لشذوذها عن إيقاعٍ آلفته الأذن الصحراوية؟ أم لغايات أسطرة النموذج وتأبيده؟
لماذا كان في نموذجه مجزوءٌ للوافر وبحرٌ للهزج مع تداخلهما الواضح؟ ولماذا كان النموذج شاذاً والفاعلية الشعرية المتشكِّلة معظمها زحَّافاتٍ وعلل؟
لم يطور الخليل ولم يهمل. الخليل تناول الواقع. لم يكن الخليل يخترع ذائقة وإنما كان يشتق قواعد تلك الذائقة ويصفها. من المنطقي أن نسأل كيف وصف بكذا وكذا. أما لماذا وصف بكذا وكذا فلأن ذلك ما يعبر عن فهمه للواقع. الوردة حمراء لأنها حمراء هل أجاد رسام ما رسمها وهل يفوقه رسام آخر في الرسم ذاك سؤال يناسب الحال.
هناك عدد لا متناهٍ من الامكانيات الهندسية النظرية لتشكيلات إيقاعية لا نهائية والسؤال الذي ما زال يقرع ذاكرتنا ووعينا وشعريتنا العربية: لماذا تم تطوير هذه الأشكال دون غيرها من الأشكال المتاحة في إيقاعات اللغة العربية؟.
أكرِّر سؤالي الذي بدأتُ به هذه القراءة: لماذا لم يتم تطوير صيغٍ متاحةٍ أخرى غير ما تم استقراؤه من بحور، لماذا لم يتم تطوير بعض الصيغ التالية مثلاً:
1 - متفاعلن فَعِلن متفاعلن فَعِلن
2 - مفاعلتن فَعِلن مفاعلتن فَعِلن
3 - فَعلن مستفعلن فعلن مستفعلن
4 - فعلن فعلن فعلن فعولن
5 - مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن
6 - فعولن فعلن فعولن فعلن
7 - متفاعلن مفاعلتن فعولن
أيَّةُ إيقاعاتٍ تحملها التراكيب السابقة؟ ولماذا لم يتم استنفاذ الطاقة الهندسية الكاملة والكامنة في نموذج الخليل الفَذِّ وغير الوحيد نظريَّاً والوحيد فعليَّاً وتم تأبيده وتأبيدُ وتصنيم واجترار ما تمَّ فعلاً في الصحراء وأغلق البابُ على ما يمكن أن يتم؟ هل كَسرُ تلك القدسية سيدخل في باب كَسرِ القداسة عن النسق اللغوي الديني المهيمن والذي هو صيغة أخرى من تأبيد وتقديس اللغة بإيقاعاتها الصحراوية التي ولدت في لحظةٍ تاريخيَّةٍ ما ويمكن للغة الحيَّة أن تولِّد عشرات بل مئات النماذج القابلة للحياة والنمو والتطوُّر في لحظاتٍ تاريخيَّةٍ أخرى!
ثمة فرق كبير بين مخطط أو صورة يمثلان الواقع، ومخططة او صورة تصميميين ليتم تنفيذهما. والخلط بينهما يؤدي إلى التشويش.
عندما يصمم الإنسان منزلا ليبنيه يستطيع قبل أن يبنيه أن يعدل في ذلك المخطط ما يشاء وأن يأخذ برأي من يشاء. أما إذا جاءنا أحدهم بمخطط لبناء أثري منذ مئات السنين فإن الحديث عنه ذو شقين:
الأول: دقة هذا المخطط في نقل الواقع
الثاني: الحكم على الواقع الذي أنشئ من خلال الحكم على المخطط
¥