ـ[عائشة]ــــــــ[11 - 04 - 2011, 11:31 ص]ـ
البسملة1
قالَ اللهُ تعالَى:
((أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ المُنشِئُونَ (72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ (73))) [الواقعة]
• لطيفة (1): لِمَ خصَّ (المقوين) بالذِّكْرِ؟
المقصودُ ب (المُقْوينَ) -علَى قولِ أكثرِ المفسِّرينَ-: المُسافِرونَ؛ مِنْ (أَقْوَى) إذا نَزَلَ بالقواءِ؛ أي: الأرض الخالية؛ ك (أَصْحَرَ) إذا دَخَل الصَّحْرَاء.
والنَّارُ يحتاجُ إليها المُسافِرُ والمقيمُ؛ ولكنْ: خُصَّ المُسافرونَ بالذِّكْرِ؛ لأنَّهم إليها أحوج.
جاءَ في «معالم التَّنزيل» (ص1272 - ط. دار ابن حزم) -للإمامِ البغويِّ -رحمه الله-:
(والمعنَى: أنَّه ينتفِعُ بها أهلُ البوادي والأسفار؛ فإنَّ منفعتهم بها أكثر من منفعةِ المقيمِ؛ وذلك أنَّهم يوقِدونها ليلًا؛ لتهربَ منهم السِّباع، ويهتدي بها الضُّلَّال، وغير ذلك مِنَ المنافِعِ) انتهى.
وقد ذَكَرَ هذا السَّبَبَ عددٌ من المفسِّرينَ.
ولكنَّ الإمامَ ابنَ قيِّمِ الجوزيَّةِ -رحمه الله- يذكُرُ سببًا آخَرَ؛ يقولُ في كتابِهِ «طريق الهجرتين» (ص299 - ط. دار عالم الفوائد):
(وخصَّ (المقوينَ) بالذِّكْرِ -وإن كانَتْ منفعتُها عامَّةً للمُسافرينَ والمقيمينَ-؛ تنبيهًا لعبادِهِ -واللهُ أعلمُ بمُرادِه من كلامِه- علَى أنَّهم كلَّهم مسافِرون، وأنَّهم في هذه الدَّارِ علَى جناحِ سفرٍ، ليسوا مقيمينَ ولا مستوطنين، وأنَّهم عابرو سبيلٍ، وأبناءُ سفرٍ) انتهى.
وقالَ الشَّيخُ عبد الرَّحمن السعديُّ -رحمه الله- في تفسيرِه «تيسير الكريم الرَّحمن» (ص835 - ط. مؤسسة الرسالة):
(وخصَّ اللهُ المسافرينَ؛ لأنَّ نفعَ المُسافرِ بذلك أعظم من غيره. ولعلَّ السبب في ذلك؛ لأنَّ الدُّنيا كلها دار سفرٍ، والعبدُ من حين وُلِدَ؛ فهو مُسافِرٌ إلى ربِّهِ. فهذه النَّارُ جعلها اللهُ متاعًا للمسافرين في هذه الدَّار، وتذكرةً لهم بدار القرارِ) انتهى.
والله تعالى أعلمُ.
• لطيفة (2): لِمَ قدَّم كونها تذكرة علَى كونِها متاعًا؟
قالَ الفخرُ الرَّازيُّ -رحمه الله- في «مفاتيح الغيب» (29/ 185 - ط. دار الفكر):
(وفيه لطيفة: وهو أنَّه تعالَى قدَّم كونَها تذكرةً على كونِها متاعًا؛ ليُعلمَ أنَّ الفائدةَ الأخرويَّة أتمُّ، وبالذِّكْرِ أهمّ) انتهى.
والله تعالى أعلمُ.
أسأل الله أن يعيذَنا مِنَ النَّارِ، ويُدخلَنا الجنَّةَ مع الأبرارِ.
وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آلِه، وسلَّم.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[11 - 04 - 2011, 12:26 م]ـ
ولكنَّ الإمامَ ابنَ قيِّمِ الجوزيَّةِ -رحمه الله- يذكُرُ سببًا آخَرَ؛ يقولُ في كتابِهِ «طريق الهجرتين» (ص299 - ط. دار عالم الفوائد):
(وخصَّ (المقوينَ) بالذِّكْرِ -وإن كانَتْ منفعتُها عامَّةً للمُسافرينَ والمقيمينَ-؛ تنبيهًا لعبادِهِ -واللهُ أعلمُ بمُرادِه من كلامِه- علَى أنَّهم كلَّهم مسافِرون، وأنَّهم في هذه الدَّارِ علَى جناحِ سفرٍ، ليسوا مقيمينَ ولا مستوطنين، وأنَّهم عابرو سبيلٍ، وأبناءُ سفرٍ) انتهى.
وقالَ الشَّيخُ عبد الرَّحمن السعديُّ -رحمه الله- في تفسيرِه «تيسير الكريم الرَّحمن» (ص835 - ط. مؤسسة الرسالة):
(وخصَّ اللهُ المسافرينَ؛ لأنَّ نفعَ المُسافرِ بذلك أعظم من غيره. ولعلَّ السبب في ذلك؛ لأنَّ الدُّنيا كلها دار سفرٍ، والعبدُ من حين وُلِدَ؛ فهو مُسافِرٌ إلى ربِّهِ. فهذه النَّارُ جعلها اللهُ متاعًا للمسافرين في هذه الدَّار، وتذكرةً لهم بدار القرارِ) انتهى.
قال منصور مهران:
يؤيد قول ابن القيم، والسعدي ما ورد عن ابن عمر - رضي الله عنهما - إذ قال:
((أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ببعض جسدي،
فقال: يا عبد الله بن عمر؛ كُنْ في الدنيا كأنك غريب، أو كأنك عابر سبيل، وعُدَّ نفسَك في أهل القبور)).
ـ[أبو سهل]ــــــــ[17 - 04 - 2011, 02:22 م]ـ
المعروف كما في الفتح للشوكاني أنّ المراد بالتذكرة هو التذكير بالنار العظمى - أعاذنا الله منها -، فهل ذلك ما أراده ابن سعدي رحمه الله؟
ـ[منصور مهران]ــــــــ[17 - 04 - 2011, 04:44 م]ـ
المعروف كما في الفتح للشوكاني أنّ المراد بالتذكرة هو التذكير بالنار العظمى - أعاذنا الله منها -، فهل ذلك ما أراده ابن سعدي رحمه الله؟
سياق الآيات حديثٌ عن النار التي يُحْدِثها الناس في الدنيا: (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ)
فهي التي جعلها الله:
1 - تذكرةً (تذكرة للناس بنار جهنّم، فيعتبرون ويتعظون بها)
2 - متاعا ونِعْمةً (للبشر فهم في لهوهم يستمتعون بها وهم غافلون عن الحقيقة الكبرى أنهم عابرون الحياةَ الدنيا إلى حيثُ نارٌ أخرى هي نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة)
وبالله التوفيق.
¥