ملتقي اهل اللغه (صفحة 2499)

ثُمَّ أهلُ الجَنَّة لمّا يَرَونَ اللهَ بعد استقرارهم في الجَنَّة لا يَشُكُّون أنَّهُ الله لأنَّهم رَأَوا شيئًا لا مثلَ له لذلك لا يَشُكُّون أنَّهُ الله. إ. هـ

أحمدُ بنُ حنبلٍ يُجَوِّزُ التَّأويلَ الَّذي هُوَ مُوَافقٌ لِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَلُغَةِ الْعَرَبِ لذلك أَوَّلَ قَوْلَهُ تعالى:

وَجَاءَ رَبُّكَ والْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا.قال: جَاءَ أَمْرُهُ. وَفي رِوايةٍ: جَاءَتْ قُدْرَتُهُ. معناهُ اللهُ يُظهِرُ يومَ القيامةِ أهوالاً عَظيمةً، هِيَ آثارُ قُدرةِ الله، وَلَوْ كَانَ الإمَامُ أَحْمَدُ مُجَسِّمًا كَأَدْعِيَاءِ السَّلَفِيَّةِ في هَذَا الزَّمَانِ لَمَا أَوَّلَ الآيَةَ وَلَكَانَ أَخَذَ بِظَاهِرِهَا. أمَّا الْمُجَسِّمَةُ أَدْعِياءُ السَّلَفِيَّةِ فَيَقُولُونَ: التَّأويلُ تَعْطِيلٌ. اهـ. ـوالتَّعْطِيلُ هُوَ نَفيُ وُجُودِ اللهِ تعالى أَوْ صِفَاتهِ فَيَكُونُونَ بِذَلِكَ حَكَمُوا عَلَى أَحْمَدَ بِالْكُفْرِ لأَنَّهُمْ جَعَلُوهُ مُعَطِّلاً، فَكَيْفَ بَعْدَ ذَلِكَ يَدَّعُونَ الانْتِسَابَ إِلَيه.

أحمدُ بنُ حنبلٍ يُنزِّهُ الله عنْ أَنْ يَكُونَ مُتَصَوَّرًا، فَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَهْمَا تَصَوَّرْتَ بِبَالِكَ فاللهُ بِخِلافِ ذلِكَ. رَوَاهُ أبو الْحَسَنِ التَّمِيميُّ الْحَنْبَليُّ في كِتَابِهِ الْمُسَمَّى اعتقادُ الإِمامِ الْمُبَجَّلِ أحمدَ بنِ حَنبلٍ، وَقَوْلُهُ هَذَا مَأخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الرسول صلى الله عليه وسلم: لا فِكْرَةَ في الرَّبِّ. رَوَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ الأَنْصَارِيُّ؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

ففي هذا المقال جانب كبير من الخطأ والمغالطة، وأصل ذلك أن يعلم السائل الكريم أن منهج أهل السنة والجماعة عدم تأويل الصفات مطلقا، وأن الألفاظ الشرعية لا يصح تأويلها إلا بدليل راجح، ويمكن أن تراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 64272، 74007، 12101 ومنها تعرف خطأ صاحب المقال في قوله (الوهابيةُ يُفَسّرُون آيات القرآن على الظاهر وهذا لا يجوز)!! فقوله تعالى:

وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا. {الفجر:22}، لا يصح تأويله بظهور عجائب قدرة الله، وليس هذا هو مذهب أهل السنة كما ورد في هذا المقال، بل هذا مع مخالفته لظاهر القرآن يخالف نص السنة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم قياما أربعين سنة شاخصة أبصارهم ينتظرون فصل القضاء، وينزل الله عز وجل في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي. قال المنذري: رواه ابن أبي الدنيا والطبراني من طرق أحدها صحيح واللفظ له، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. وحسنه الذهبي في العلو وصححه الألباني، وبذلك قال أئمة التفسير.

قال الطبري: يقول تعالى ذكره وإذا جاء ربك يا محمد وأملاكه صفوفا صفا بعد صفّ. اهـ.

ثم أورد من الأحاديث والآثار ما يدل لقوله ويثبت مجيء الله تعالى.

وقال ابن كثير: وَجَاءَ رَبُّكَ. يعني لفصل القضاء بين خلقه، وذلك بعد ما يستشفعون إليه بسيد ولد آدم على الإطلاق محمد صلى الله عليه وسلم .. فيشفع عند الله في أن يأتي لفصل القضاء فيشفعه الله في ذلك .. فيجيء الرب تعالى لفصل القضاء كما يشاء، والملائكة يجيئون بين يديه صفوفا صفوفا. انتهى.

وهذا القول هو الذي نسبه الأشعري في (مقالات الإسلاميين) لأهل السنة في فصل: اختلاف الناس في التجسيم. بعد أن ذكر لهم ست عشرة مقالة، قال: وقال أهل السنة وأصحاب الحديث: ليس بجسم ولا يشبه الأشياء، وأنه على العرش .. وأن له وجها كما قال الله: (ويبقى وجه ربك) وأن له يدين، كما قال: (خلقت بيدي) .. وأنه يجيء يوم القيامة وملائكته، كما قال: (وجاء ربك والملك صفا صفا) .. . انتهى.

وأما ما نسب للإمام أحمد في تأويل هذه الآية بمجيء الأمر أو مجيء القدرة.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015