وفي عاطفته التي ستوجه تعبيره قوة وضعفا تجاه أحداث عمله الأدبي وشخصياته لن يشتد على صحيح ولا على مسلم إنما يصب شدته التعبيرية على الخطأ وعلى الكفر؛ لأنه يستحضر قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة: 54]، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 123].
وهو يبذر في أدبه قيم الحياة الإيجابية مهما كان ظلام لحظته.
لماذا؟
لأنه يعلم أنه ليس وحيدا إنما هو عبد لرب قادر يقول في كتابه الكريم: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} [القيامة: 36].
(3)
وفي فكرته التي سيجزئها فِكَرًا صغيرة يبثها في ثنايا عمله لن يخرج عما يرتضيه دينه على الرغم من أن لحظة الإبداع لحظة غياب شعوري.
لماذا؟
على الرغم من لحظة الإبداع لحظة غياب شعوري لا يشعر الأديب بالقصدية كثيرا فيها بل يجد التعبير ينساب من مكانٍ ما لا يدريه وقد يفاجأ بما كتب بعد انطفاء جذوة الإبداع.
على الرغم من ذلك فإنها تحمل اللاوعي الذي يحمل قناعات الأديب؛ لأنها تعبير عما يسبقها وعما يلحقها؛ لأنها نقطة في حياة؛ لذا فالأديب الملتزم بالإسلام يعي قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]، وهو يعلم أن الموت يكون على ما عاش الإنسان مؤمنا به مخلصا له.
ويعي قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه: " عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ".
لذا فهو يجعل أدبه جزءا من دينه لا شيئا منفصلا، يحمله ويقدمه تأثرا بقوله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء: 9]. ثم بعد ذلك يلاحظ أنه عمل أدبي يضاف إلى رصيده الإبداعي.
أما الأديب العلماني فلا يعد عمله الأدبي الجديد إلا إضافة إلى رصيده الأدبي، ولا يهمه ما وراء ذلك.