ملتقي اهل اللغه (صفحة 2448)

الفرق بين الزوجة والمرأة في القرآن الكريم .. وَهْمٌ بدأ ينتشر

ـ[فريد البيدق]ــــــــ[29 - 03 - 2012, 01:56 م]ـ

(1)

قرأت معلومة الفرق بين المرأة والزوجة في القرآن من قبل، فلما وجدتها تتكرر كثيرا وجب أن أبين الخطأ فيها ومصدره.

تشترط هذه المعلومة للزوجة أن تكون على دين زوجها وبينهما نسل وذرية، وتأتي بآيات لتؤكد هذا. ولو اقتصرنا على الآيات التي يستشهد بها صاحب المعلومة لبدا الأمر مستقيما، على الرغم من وجود آية يستدل بها تضاد ما يخلص إليه من نتائج ستأتي لاحقا.

لكننا لو أكملنا استقراء آيات القرآن في المجال الدلالي ذاته للمسنا خطأ السابق وانحرافه.

كيف؟

أ- الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن له عقب من أمنا زينب، وعلى الرغم من ذلك يقول الله تعالى عنهما: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا} [الأحزاب: 37].

ب- والرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن له ذرية من زوجاته إلا من أمنا خديجة، وعلى الرغم من ذلك يقول الله تعالى له في غير حياتها: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 28]. ويقول: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6].

وهذه الآية استدل بها صاحب الفكرة على كلامه على الرغم من نفيها فكرته؛ لأنهن ليس لهن ذرية منه صلى الله عليه وسلم.

ج- ويقول تعالى مبينا أن الإيمان والكفر هما محور الاتصال والانفصال بين الزوجين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10) وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} [الممتحنة: 10، 11].

ومن يزيد الاستقراء قد يجد أكثر من دليل يضاد ما خلص إليه صاحب الفكرة الذي اكتفى بجانب واحد من الآيات وأهمل الجانب الآخر الذي يكمل بحث الموضوع، ويجعل نتائجه التي اشتهر أمرها محل نزاع وعدم تسليم.

وما أخشاه –على الرغم من وجود حسن الظن- أن يكون شيعيا أو متأثرا بهم، ويهدف من ذلك في مرحلة آتية إلى استغلال ذلك في الهجوم على أمنا عائشة رضي الله تعالى عنها.

(2)

وبعد هذا التقديم الذي لا بد منه أنقل لكم الفكرة حسب تصور صاحبها الذي لا أعرفه وإنما أعرف فكره الذي ينشره عنه كثيرون.

...

الفرق بين الزوجة والمرأة في القرآن الكريم

عند استقراء الآيات القرآنية التي جاء فيها اللفظين نلحظ أن لفظ "زوج" يُطلق على المرأة إذا كانت الزوجية تامّة بينها وبين زوجها، وكان التوافق والإقتران والإنسجام تامّاً بينهما، بدون اختلاف ديني أو نفسي أو جنسي فإن لم يكن التوافق والإنسجام كاملاً، ولم تكن الزوجية متحقّقة بينهما، فإن القرآن يطلق عليها "امرأة" وليست زوجاً، كأن يكون اختلاف ديني عقدي أو جنسي بينهما.

ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"، وقوله تعالى: "وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا".

وبهذا الاعتبار جعل القرآن حواء زوجاً لآدم، في قوله تعالى:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015