مثال: قال الله تعالى: (فجعلهم كعصفٍ مأكولٍ) العصف هو ورق الشجر، أي جعل الله أصحاب الفيل كورق شجر أكلته الدواب ثم راثته ووجه الشبه هو تقطع أوصالهم كتقطع العصف حينما يؤكل. والمهلكون من الكفار والعصف المأكول محسوسان.
ونعني بالعقلي أن يكون مدركَا بالعقل دون الحس الظاهر، كالمعاني والأوصاف نحو الكرم والشجاعة والخير والحق والباطل والعمل الصالح والهدى والضلال والجبن والبخل، ومثل المشاعر القلبية والإحساسات الداخلية كالرضا والغضب والفرح والحزن والألم فكلها لا ترى ولا تسمع ولا تشم ولا تذاق ولا تلمس.
مثل: العلمُ كالحياة في كونهما جهتي إدراك ومعرفة، والعلم والحياة صفتان معقولان لا يدركان بالحس، ومثل الجهلُ كالموتِ، والضلال عن الحق كالعمى.
مثال: قال الله تعالى: (يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ) فالمشبه وهو خشية الناس، والمشبه به وهو خشية الله أمران عقليان لأن الخشية محلها القلب فهي تحس بالوجدان ولا تسمع ولا تبصر ولا تذاق ولا تشم ولا تلمس.
ونعني بان يكون أحدهما حسيا والآخر عقليا أن يدرك أحدهما بالحواس الخمس ولا يدرك بها الثاني.
مثل: العلم كالنور، فالعلم عقلي، والنور حسي مبصر، ونحو الجهل كالظلام، والغضب كالنار المشتعلة، والموت كالسبع في الاغتيال والإهلاك.
مثال: قال الله تعالى: (وقَدِمْنا إلى ما عَمِلوا من عملٍ فجعلناهُ هباءً منثورًا) أي توجهنا إلى ما عمله الكفار من أعمال البر كالكرم والإحسان للناس فجعلناه كالهباء المنثور، والهباء ذرات ترى أثناء فتح الشباك وتسرب أشعة الشمس منه كالغبار، والمنثور هو المتفرق، وتلك الأعمال معقولة والهباء محسوس مبصر.
فتلخص أن التشبيه ينقسم باعتبار طرفيه إلى ثلاثة أقسام: تشبيه محسوس بمحسوس، وتشبيه معقول بمعقول، وتشبيه مختلف بين محسوس ومعقول.
(الأسئلة)
1 - في ضوء ما تقدم ما هي أقسام التشبيه باعتبار الطرفين؟
2 - ما معنى الحسي وما معنى العقلي؟
3 - مثل بمثال من عندك لكل نوع من أنواع التشبيه المتقدمة؟
(التمارين 1)
عين نوع التشبيه من حيث الحسية والعقلية:
(الإيمان حياة، الكفر موت، خلقك الكريم كالريحان، العطش كلهيب النار، هذه الفاكهة عسل، العدل كالميزان، الظلم ظلمات يوم القيامة- وكأنَ أجرامَ السماءِ لوامِعَاً ... دُرَرٌ نُثِرْنَ على بساطٍ أزرقِ).
(التمارين 2)
اجعل كلا مما يأتي مُشَبَّهًا على أن يكون المشبه به أمرا محسوسا:
(التقوى- الصلاة- الحقد).
(التمارين 3)
اجعل كلا مما يأتي مُشَبَّهًا على أن يكون المشبه به أمرا معقولا:
(الحب، الفقر، المرض).
ـ[أبو مصطفى البغدادي]ــــــــ[08 - 11 - 2012, 10:25 ص]ـ
(الدرس الرابع)
تقسيم التشبيه إلى تمثيلي وغير تمثيلي
قد علمتَ أن التشبيه ينقسم باعتبار طرفيه إلى تشبيه محسوس بمحسوس، وتشبيه معقول بمعقول، وتشبيه مختلف.
ونريد أن نقسم التشبيه هنا باعتبار وجه الشبه فينقسم بهذا الاعتبار إلى: تمثيلي، وغير تمثيلي.
فالتشبيه غير التمثيلي هو: ما كان وجه الشبه فيه غير مركب.
مثل: زيدٌ كالأسدِ في الشجاعة، فالشجاعة التي هي وجه الشبه شيء مفرد غير مركب. ومثل: زيدٌ كالبحرِ في الجود، فالجود مفرد، ونحو: العلم كالنور في الهداية، فالهداية أمر مفرد.
مثال: قال الله تعالى: (وهيَ تجري بهم في موجٍ كالجبالِ) أي في الضخامة وهي صفة مفردة مشتركة بين الموج والجبال.
والتشبيه التمثيلي هو: ما كان وجه الشبه فيه صورة مركبة من شيئين.
مثل: الدمع على خد الطفلة كنقط طل على رمان، فهنا جرى تشبيه هيئة الدمع وهو يسيل على خد أحمر بهيئة وصورة أخرى وهي قطرات الطل -وهو بقية ماء المطر الذي يكون على النباتات- وهي تسيل على الرمان الأحمر. ووجه الشبه هو (شيء أبيض شفاف يسيل على شيء أحمر) فهو كما ترى مركب وليس أمرا مفردا فهو عبارة عن صورة وهيئة كاللوحة الفنية، فعندنا (الدموع، وقطرات الطل) انتزعنا منهما الشيء الأبيض الشفاف، وعندنا (الخد والرمان) انتزعنا منهما الشيء الأحمر، فهما شيئان متركبان أي شيء أبيض+ شيء أحمر، فلا يصلح أحدهما للتشبيه دون الآخر ولا يكتمل التشبيه إلا بهما معا فهذا هو ما نعنيه بالتركيب.
¥