ملتقي اهل اللغه (صفحة 2322)

ما الصحيح " استمعتُ إلى معانٍ مفيدةٍ "، أم " استمعتُ إلى معانيَ مفيدةٍ "؟

ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[26 - 05 - 2008, 03:04 ص]ـ

البسملة1

هذا الكلام كتبته تعقيبًا على بعض الأحاديث؛ فلذلك لم أوتِه حقَّه من التفصيل، والترتيب:

الصوابُ: (استمعت إلى معانٍ مفيدة)، لا صوابَ إلا هو؛ قالَ ابن مالكٍ: (المنقوص الذي نظيرُه من الصحيح غيرُ منصرفٍ إن كان غيرَ علمٍ كجوارٍ وأعيمٍ، تصغير أعمى، فلا خلافَ أنه في الرفعِ والجرّ جارٍ مجرى قاضٍ في اللفظِ، وفي النصبِ جارٍ مجرى نظيره من الصحيح؛ فيقال: هؤلاء جوارٍ ... ومررت بجوارٍ ... ورأيتُ جواريَ ... وكذا إن كان علمًا في مذهبِ الخليلِ وسيبويه وأبي عمرو وابن أبي إسحاق. وأما يونُس وأبو زيدٍ وعيسى والكسائي، فيقولون في قاضي اسم امرأة: هذا قاضي، ومررت بقاضي ...) [شرح الكافية الشافية / 2: 96، دار صادر].

وقالَ الشاطبي:

(وهذا لا تقوله العربُ في السعةِ أصلاً) [شرحه على الألفيةِ / 5: 686، طبعة أم القرى].

وقالَ المبرّد:

(فإن احتاج الشاعر إلى مثل جوارٍ فحقه - إذا حرك آخره في الرفع والخفض - ألا يجريه، ولكنه يقول: مررت بجواريَ، كما قال الفرزدق:

فلو كان عبد الله مولًى هجوته ... ولكن عبد الله مولى مواليا

فإنما أجراه للضرورة مجرى ما لا علة فيه) [المقتضب / 1: 143، عضيمة].

وقالَ ابن جني:

(وكذلك قوله:

أبيت على معاريَ فاخراتٍ ... بهن ملوَّب كدم العباطِ

هكذا أنشده: على معاريَ، بإجراء المعتل مجرى الصحيح ضرورة، ولو أنشد: على معارٍ فاخرات، لما كسر وزنًا، ولا احتمل ضرورة) [الخصائص / 2: 298، هنداوي].

أما ما نُقِلَ إلينا من أقوالٍ عن بعضِهم فغلطٌ منهم؛ إذ خلَطوا بينَ مسألة (جوارٍ) نكرةً، ومسألةِ (جوارٍ) علمًا. وقد ذكرتُ آنفًا قولَ ابن مالكٍ، وقولَ الشاطبيّ في التفريقِ بينهما، وأنَّ العربَ (لا تقولُ ذلك في السعةِ أصلاً).

ولِيتبيَّنَ وجه الغلطِ أسودَ مظلِمًا، قارِنْ بينَ قولِ المحلي – وليس بمعروفٍ – وقولِ ابن مالكٍ؛

قال المحلي:

(الإعراب فيه [يعني نحو جوارٍ] مقدر إلا عند يونس وأبي زيد والكسائي، فإنهم يظهرون الأخيرة، فيقولون: مررت بجواريَ، ومنه عندهم قول الفرزدق:

ولكن عبد الله مولى مواليا

وهو عند غيرهم محمول على الضرورة).

وقال ابن مالكٍ:

(وكذا إن كان علمًا في مذهبِ الخليلِ وسيبويه وأبي عمرو وابن أبي إسحاق. وأما يونُس وأبو زيدٍ وعيسى والكسائي، فيقولون في قاضي اسم امرأة: هذا قاضي، ومررت بقاضيَ).

ولِيتبينَ الغلطُ أكثرَ من ذلك، انظر إلى ما قالَ سيبويه رحمه الله في كتابه:

(وأمّا يونس فكان ينظر إلى كلّ شيء من هذا إذا كان معرفة كيف حال نظيره من غير المعتل معرفة؛ فإذا كان لا ينصرف لم يصرف، يقول: هذا جواريْ قد جاء، ومررت بجواريَ قبل. وقال الخليل: هذا خطأ؛ لو كان من شأنهم أن يقولوا هذا في موضع الجرّ لكانوا خلقاء أن يلزموها الجر والرفع، إذ صار عندهم بمنزلة غير المعتلّ في موضع الجرّ، ولكانوا خلقاء أن ينصبوها في النكرة إذا كانت في موضع الجرّ، فيقولوا: مررت بجواريَ قبل، لأنَّ ترك التنوين في ذا الاسم في المعرفة والنكرة على حال واحدة) [الكتاب / 3: 312، هارون].

فأنت تراه نقلَ عن يونسَ شيخِه أنَّ خلافَه إنما هو في نحوِ (جوارٍ) إذا كانَ معرفةً؛ أي: علمًا.

ولو كانَ يونسُ يقولُ بهذا لم يلزمه الخليلُ برأيٍ يقولُ به؛ إذ قالَ: (ولكانوا خلقاءَ أن ينصبوها في النكرة إذا كانت في موضع الجرّ، فيقولوا: مررت بجواري قبل، لأنَّ ترك التنوين في ذا الاسم في المعرفة والنكرة على حال واحدة).

فهو يردُّ على يونسَ بأنه لو كانَ كما يقولُ في مسألة جوارٍ علمًا، لكانَ العربُ خلقاءَ أن يقولوا: مررتُ بجواريَ قبلُ إذا كانت نكرةً، لأنَّ حكمَهما واحدٌ. ولو كانَ يونسُ يرى هذا لم يكن الخليلُ ليُلزمَه بشيءٍ يراه، ولا يدفعُه.

فإذا كانوا – كما ترى - أخطئوا في نقلِ قولِه، فجائزٌ أن يخطئوا في نقلِ قولِ غيرِه؛ ولا سيَّما مع ما ذكرنا من قولِ ابن مالكٍ – وهو عالِم محقّق -.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015