ـ[أم محمد]ــــــــ[08 - 06 - 2010, 06:15 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال في " مُنجِد المُقرئين ومُرشِد الطالِبين " (ص 46):
" لا شك - عند كل ذي لُبٍّ - أنَّ مَن تكلَّم في عِلم - ولو كان إمامًا فيه -، وكان العِلم يتعلَّقُ به عِلمٌ آخر، وهو غير مُتقِن لِما يتعلَّق به؛ داخَلَه الوهمُ والغلطُ عند حاجته إليه.
ولا ينبغي لِمَن وهبه الله عقلا وعِلمًا أن يَجمُدَ على كلِّ ما وقع، ولكنْ ينظر كما ينظر مَن قبله؛ فالحقُّ أحقُّ أن يُتَّبع.
أيْشٍ أقول؟!!
الهِممُ القاصِرة تُسيِّر سائرَ العلومِ دائرة، والتزاحمُ على مناصِب الدنيا؛ زَهَّدت المشتغِلين عن طلب الدرجة العُليا، لا حَول ولا قوة إلا بالله!!
آهًا على الأَعْلامِ كيفَ تَغَيَّبوا .. وَأتى الذينَ حياتُهمْ لا تَنْفَعُ
ما قِيل ما قد قيل إلا أنَّهُ .. خَلَتِ الدِّيارُ؛ فليْسَ إلا بَلْقَعُ! " اهـ كلام ابن الجزري - رحمه الله -.
ـ[أبو عدي]ــــــــ[03 - 07 - 2010, 02:35 م]ـ
بارك الله فيك يا أم محمد، ودمت مفيدة لنا:
تعليقي على السطر الأول [- ولا يهونون البقية:) -]:
مما يقرب من الشواهد على هذا ما حكاه الدكتور أحمد بن علي القرني في كتابه الإبداع العلمي فقال:
حكي عن عوض بن نصر المصري (1) وهو ممن كان له عناية بالفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة، لكنه لما دخل فيما لا يحسن أتى بما يضحك، فقد ذكروا عنه أنه أخذ كتاب المفصل للزمخشري ونظر فيه فقال لما قرأ باب الترخيم: لماذا ما قال باب التبليط؟ ولما قرأ باب العلم قال: لماذا ما قال باب السنجق؟ يظن أن العلم هو الراية، وأن الترخيم من الرخام ثم شرع في تعليل ذلك بتعليلات عليلة.
وذكروا أيضا أنه لما قرأ أول المفصل عند قول الزمخشري: الله أحمد، قال: لماذا ما قال: عيسى ولا موسى ولا محمد؟ (2)
--------------------------------------
(1) لطيفة هذا الاسم عوض لم يتسم به أحد من المشهورين طيلة القرون العشرة الأولى للهجرة سوى هذا الرجل.
(2) انظر الدرر الكامنة لابن حجر (3/ 199).
ثم قال:
ثم إن الداخل في غير فنه لا يزيد ذلك الفن إلا أوهاما وتناقضات فيكون كما قيل: يبني قصرا ويهدم مصرا ولهذا نجد بعضا من شروح الحديث وكتب التفسير والفقه خصوصا الحواشي مليئة بمثل هذه الأقوال والترهات التي جاءت من غير متخصص في ذلك الفن، فزادت الأوراق دون فائدة تلفى.
ويا ليت هؤلاء الأدعياء فعلوا كفعل ذلك الثعلب الذي دخل بستان عنب، فرأى عنقودًا متدليًا يكاد يتمزق لكثرة مائة وروائه فحاول أن يصل للعنقود مرة تلو مرة، وكرة بعد كرة، فلما كل ومل، وما وصل إلى ما أمل نظر إلى العنقود وقال: الحمد لله الذي لم يجعل لنا في الحرام نصيبا.
وهذا أمر يدرك مما سبق ... وهو أن يستفرغ الإنسان جهده في فنه الذي مالت نفسه إليه، ولا تغره نفسه بالدخول في فن لا يعرفه مهما بلغ ذكاؤه، ومهما بلغت ملكاته وحذقه، لئلا يقع في تناقضات واضطرابات وهو لا يشعر، فيكون سبة الدهر وأضحوكة الزمان، بل تبقى عليه معرة ذلك تحيا بحياته ولا تموت بموته، فإما أن يتفرغ لذلك العلم ويحصله على أهله حتى يتقنه، وإما أن يدعه لأربابه، أما أن يدخل فيه للنزهة والتذوق فهذا مما لا يحمد.
وقد ضبط العلماء عجائب وغرائب على هؤلاء الذين يدخلون في غير فنونهم وهم ليسوا من أهلها، وفي كتب الردود والتتبعات والإلزامات شواهد على ذلك.
ا. هـ كلامه (بتصرف).
وآسف إن خرج هذا عن شرط موضوع أم محمد، لكن [يجوز في استراحة الملتقى ما لا يجوز في غيرها].