بنغمة واحدة عن (مآسي) الزواج (?) ، أو يذهبان إلى القول بأن الشعراء لم يغادروا متردما؟ كما يقول عنترة واكزنارخوس (?) ، أو يغبطان الحجر لأنه لا يحس أو الحيوان لأنه لا يعني نفسه بالإجابة عن هذه المسألة أو تلك (?) ، أو يشجبان التفاخر بالمحتد النبيل تغطيه لتخلف في العمل (?) - فعلى أي شيء نحمل كل هذا التشابه وأمثاله في أمور مختلفة؟

الواقع أن كل ذلك وغيره قد يحمل على التشابه في نتائج التجارب الإنسانية، ولكن التماثل يبلغ حدا من الدقة يتعذر عنده نفي كل صورة اللقاء بين الأدبين، وهنا قد يذهب بعض الناس إلى القول بالأخذ أو الاحتذاء نتيجة الإطلاع المباشر، وهذه قضية لا يسهل إثباتها، لأنها تحتاج إلى وثائق مؤيدة، ومثل هذه الوثائق المؤيدة لا وجود له في الغالب. وقد يذهب البعض الآخر إلى القول باللقاء بين حضارتين لقاء تجاوز التأثر السطحي، فمن المؤكد أن العرب بعد الفتح انتشروا في عالم تغلب عليه الحضارة الهلنستية، والثقافة الكلاسيكية، وأنهم ورثوا من هذه الحضارة لا كتبا ترجموها وحسب، بل مؤسسات وأصولا ثقافية ومناهج تعليمية، ولهذا كان ظهور المشابه أمرا يكاد يكون محتوما، والأمثلة على ذلك عديدة، في المجالات المختلفة، وإنما أكتفي منها هنا بأمثلة موجزة (?) :

1 - اعتقد العرب - مثلما اعتقد اليونانيون أن الشعر " ديوانهم "، ولهذا كان اليونانيون يرون أن أوميرس هو نموذج " التراث "، ولم يحد العرب عن هذا المعتقد، إلا حين رسخت لديهم العلوم وتدريسها، أما اليونان فإن المفهوم تغير لديهم قليلا بعيد عصر الفلسفة. على أن الفريقين اعتقدا أن الشعر أداة للتخليد، ومن أقدم الشواهد على ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015