" 10 "

صهر معاني الحكم اليونانية في الشعر العربي

للأقدمين نظرات، لا بد من أن نتوقف عندها مدققين متأملين؛ من ذلك مثلا قولهم إن أبا العتاهية كان " يرمى بالزندقة مع كثرة أشعاره في الزهد والمواعظ وذكر الموت والحشر والنار والجنة " وأنه ربما كان ثنويا (?) أو أنه " كان خبيث الدين يذهب مذهب الثنوية، إلا أنه كان ناسك الظاهر " (?) ؛ وقد يكون الذي أثار هذا الحكم معرفة بعض معاصريه بمدى الخلف بين القول والعمل لديه، ووجوده في عصر اشتدت فيه التهمة بالزندقة، ولكن الذي يهمنا اليوم من كل ذلك أن أبا العتاهية في حكمته إنما كان تلميذا للثقافتين الفارسية واليونانية، وقد رأينا كيف كان من أوائل الذين ترجموا الحكم والأمثال الأجنبية، وخلطوها بالقيم الإسلامية، وربما لم يكن بين الفئتين من تعارض، ولكن محض المحاولة يضع أبا العتاهية في صف ابن المقفع وغيره ممن كانت أهدافهم في هذا المنحى مظنة ميل إلى تراث غير إسلامي خالص؛ وإذا كانت الزندقة تتضمن مثل العودة إلى ذلك التراث، فإن أبا العتاهية كان زنديقا لأنه يؤمن بالأنموذج اليوناني للمثل الأعلى، أي أنه يرى السيرة الفاضلة في الحكيم لا في النبي، وحين نقرأ قوله (?) :

طور بواسطة نورين ميديا © 2015