بعضهم في ذئب رباه مع غنمه، فعدا حين كبر على شاة له فأكلها:

فرست شويهتي وفجعت طفلا ... ونسوانا وأنت لهم ربيب

نشأت مع السخال وأنت طفل ... فما أدراك أن أباك ذيب

إذا كان الطباع طباع سوء ... (?) فليس بمصلح، طبعا، أديب ويجب ألا تستوقفنا كثيرا نسبة هذا الشعر إلى أعرابي، فجهل القائل هنا هو الشيء المهم، إذ أنه يؤكد أن هذا الشعر وأمثاله إنما أصبح تركة شعبية خالصة، تحمل في ذاتها أهميتها دون أن تكون نسبتها لمن قالها أمرا هاما. والظن قوي بأن هذا اإتجاه قد بدأ يستقوي منذ أواخر العصر الأموي، لأنه ذو دلالة على مرحلة ثقافية معينة، يصبح فيها اتكاء على التراث، وتقدير قيمته، أمرا أصيلا، وإذا نحن نظرنا إلى الشعر قبل ذلك وجدنا النزع بالحكاية الخرافية غير شائع كثيرا، وأن الميل يكاد يكون أقوى لاستشهاد بالقصص الإنسانية مثل حكاية السمؤال؟ في شعر الأعشى - وحكاية زرقاء اليمامة في شعر النابغة، أو قصة كعب بن مامة وقصير والقارظ العنزي وأمثال ذلك، حتى إذا بلغنا إلى شعر الكميت في الفترة التي أتحدث عنها، وجدنا النزع بالخرافة الحيوانية يكثر ويطغى على ما سواه إلى أن يكاد يصبح مذهبا أدبيا، كما في قوله (?) :

كما رضيت جوعا وسوء ولاية ... لكلبتها في آخر الدهر حومل وقوله (?) :

فعل المقرة للمقالة خامري يا أم عامر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015