والدك فقال: لأن أبي كان سبب حياتي الفانية ومؤدبي سبب حياتي الباقية (?) .

ففي هذا القول تجاوز؟ لا يعدم تسويغا - لذلك النص الصريح في الدين على حق الوالدين، واقتران طاعتهما بطاعة الله تعالى، وها هنا نحن نجد مقارنة بين المؤدب والأب، وتميزا بينهما في المفاضلة، ولكن لا بد من أن نقر هنا بأن الآيات القرآنية تنص على شيئين هما الطاعة والرفق ثم ما يتبع من بر وحدب، بينا تقوم النظرة المنسوبة للأسكندر على الإجلال والتعظيم. وقد كان هذا الجواب، حافزا قويا لعدد من مثقفي القرن الرابع يحاكموه، فهو نموذج بارز من الإجابة إلا أنه لا يزال يفسح مجالا لوجهات نظر أخرى، وقد تناوله كل من أبي زكريا الصيمري وأبي سليمان المنطقي والنوشجاني وأبي محمد الأندلسي (?) بالإعجاب الذي لا يحول دون إبداء الموقف الذاتي، ولهذا عبر كل منهم عن نظرته الفكرية لو أن السؤال وجه إليه:

فقال الصيمري: لو قيل لي هذا لقلت: لأن أبي كان قضى وطرا بالطبيعة فعرضت، ومعلمي يفجر من أجلي أوطارا فكملت به (?) .

وقال المنطقي: لو قيل لي هذا لقلت: لأن ابي أفادني الطبيعة التي انطلقت علي بالكون والفساد، ومؤدبي أفادني العقل الذي به انطلقت إلى ما ليس فيه كون أو فساد.

وقال النوشجاني: لو قلت أنا لقلت: لأن أبي كونني بالعرض، ومعلمي زينني في كوني بالعرض.

وقال الأندلسي: لو قلت أنا لقلت: لأن أبي قيدني فأوثق، ومعلمي حل قيدي وأطلق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015