وشاعر أوقد الطبع الذكاء له ... فكاد يحرقه من فرط إذكاء
أقام يعمل أياما رويته ... وشبه الماء بعد الجهد بالماء
قال أمين الدين قَالَ أبو الميمون رَحِمَهُ اللَّهُ، وله في الحمام أيضا، ثم أنشدني قوله:
إن عيش الحمام أطيب عيش ... غير أن المقام فيه قليل
هي مثل الملوك يضفي لك الود ... قليلا لكنه يستحيل
جنة تكره الإقامة فيها ... وجحيم يطيب فيه الدخول
فكأن الغريق فيها كليم ... وكأن الحريق فيها خليل
انتهى ما ختم به الجزء فلنجعله ختام ذكر الحمامي، ولنتبع ذلك بفائدة علمية فنقول: إن هذا الاعتراض الذي اعترض به ابن الدوري تشبيه ابن رزين، حتى أتى من الزري عليه بما يزري به ويشين، ليس بصحيح، فإن التشبيه على ضربين: ضرب تمثل فيه ذات شيء بذات شيء آخر لوجود شبه جامع بينهما وضرب يشبه فيه حال من شيء بحال من شيء آخر.
ومن هذا النوع الثاني، هو قول ابن رزين، فكأنه إنما شبه المجموع بالمجموع لا المفردين بالمفردين فلما تخيله ابن الدوري من تشبيه المفرد بالمفرد بادر بالاعتراض.
والنوع الأول كثير بحيث يعني عن المثال:
مديحي عصا موسى وذلك أنني ... ضربت به بحر الندر فتضحضحا
فيا ليت شعري إن ضربت به الصفا ... أيبعث لي منه جداول سيحا