عبارة إلى آلاته وشرف صنعته، ويبدي فيه بدائع روائع من توريته، فمما أنشدنا لنفسه من قصيد، يعد في هذا المعنى من النوع الفريد النظم:
قد طاب إيثاري وآثاري ... وقد سمت داري ومقداري
أصبحت ذا ناد ندي غدا ... يعرى به المرء من العار
أبوابه للناس قد فتحت ... من سائر يأتيه أو سار
مرخم ما في حروف اسمه ... نقص فقل من غير إنكار
ولي قدور لم ينم ساعة ... طباخها من كثر خطار
كم من نزيل فيه خولته ... إذ جاء في البارد والحار
كم عصرت عندي مشمولة ... مليحة النشر لزوار
وثم صب وخليع غدا ... يشرب في طاس وقوار
ذو خلوات يحصل الكشف لي ... فيها إذا واصلت أسحاري
ومجلسي في حسنه جنة ... سدر وماء نهره جار
والحوض مع رضوان في خدمة ... الخارج والداخل في داري
مبارك الأعتاب ميمونها ... يحمدها البائع والشاري
أسلب من شئت انتصافا إذا ... لاقيته لا سلب غدار
ألقى به ذا العذر بالبسط ... والتخويل في معروفي الجاري
تأتي ذوو الأعذار سعيا له ... فتنثني من غير أعذار
وله ألغاز مستعذبة استعمل فيها طرقا من التورية مستغربة، من ذلك ما أنشدنا لنفسه في وصف قنطرة الخليج وكسره.
وما اسم خماسي الحروف مؤنث ... يمر عليه من يسير ومن يسري
له حسن شكل زين الرفع نصبه ... على أنه لم يبن إلا على الكسر
له الدهر كم من جعفر وخليفة ... أتى راكبا هذا وهذا أتى يجري
وكم قامت الحرب الضروس لأجل ما ... جرى عنده والنصر تم لذي الصبر
وتلك على التحقيق حرب مسرة ... كما قد بكى المسرور من كثرة البشر