ملء العيبه (صفحة 361)

يشتغل باكتراء الحمامات والعمل فيها، فيقصده نبلاء الشعراء ورؤساء الكتاب، ويبايته أهل العلم، والفضل والآداب.

قصدته في حمامه ليلا مع رفيقي الكاتب الجليل الماجد الكامل الوزير الفاضل أبي عَبْد اللَّهِ بن الحكيم، حملنا إليه صاحبنا المحدث المسند المقيد أَبُو عَبْد اللَّهِ بن عاصم الرندي، نزيل مصر، فأملى علينا جملة من كلامه وقد استحضر جماعة من خدامه، بمصابيح في أيديهم وكل منهم قائم على أقدامه، برا بقاصديهم في ناديهم، وهو يتمايل في إنشاده طربا، ويبدي من بدائعه عجبا، فمما ابتدأ به أولا في الإنشاد لنفسه وذلك يدل على حسن تهديه وجودة حسه:

لا تفه ما حييت إلا بخير ... ليكون الجواب خيرا لديكا

قد سمعت الصدى وذاك جماد ... كل شيء تقول رد عليكا

وأنشدنا نفسه:

ما زال يسقيني زلال رضابه ... لما خفيت ضنى وذبت توقدا

ويظنني حيا رويت بريقه ... فاذا دعا قلبي يجاوبه الصدى

وأنشدنا لنفسه:

وليل رضا حتى الغزالة مر لي ... بقرب غزال حسنه ليس يبخس

سقاني سلاف الريق والكأس ثغره ... على ورد خد لاح أعلاه نرجس

وقد كان محمر الشفاه فلم أزل ... أقلبه حتى غدا وهو ألعس

وأنشدنا لنفسه:

أقول لقلبي وقد ذاب ... في هوى شادن حاز حسنا غريبا

تصبر إذا كنت في شدة ... عسى فرج الله يأتي قريبا

وله نظم رائق يفتخر فيه بالجمام وقدمته، ويشير ألطف إشارة بأظرف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015