أصداف الأسماع من درر البلاغات أحسنها وأغربها.
فالأول طلع قمرا جعل الطرف والقلب له نزلا، فثوى فيهما ولم يبغ عنهما حولا وغدا لهذا ذرورا يزيد سواده نورا، ولهذا سميرا يفيد سويداه نورا، والثاني بزغ شمسا أشعتها آداب وفضائل، وبروجها بصائر شرفها فيها غير متناقص ولا متضائل، فلولا أن التوفيق عرف نفس المملوك مظنة الهداية، وصرف طمعها عن طلب النهاية، في حال البداية، لسولت له أن يضاهي النيرين بنجوم كلها في الخفاء سها، وأن يعارض الجواهر بأعراض لا تصدر إلا عمن شرد الرشد عنه فغفل وسها، ويأبي الله إلا أن يهدي إلى سبيل الرشاد من ائتم بأقوال مولانا وأفعاله، وألزم التمسك بعرى ولائه كبير قومه، وصغير آله، على أنه لما ورد الثاني منهما عليه، أعجله في الجواب موصله إليه ولم يمهله غير ساعة من نهار، فأملى لسان المملوك عن بال كاسف، وخاطر في أدهم الهم راسف، ما وقف عليه مولانا من الخطأ والخطل، وشاهده من الزلل والخلل، فإنه وقعت منه غلطات وضحت له بعد قفوله، وصدرت عنه فرطات لم يترو في إصلاحها لتعجيله، فمولانا يضفي عليها ستر تغافله، ويدفع بالصفح عنها في صدر تجامله، أنهى المملوك ذلك بعد تقبيل يد مولانا المالك الوالد، ألقى الله بين يديه لسان الواشي وقلب العدو وعين الحاسد» .
أنشدنا صاحبنا جمال الدين المغربي، بمصر، قَالَ: أنشدنا المعين عثمان بن سعيد بن تولوا الفهري، لنفسه من قصيد، وقد سأله الصاحب زين الدين يعقوب بن عبد الرفيع الزبيري، معارضة قصيدة حبيب التي أولها.