بالصبر، وأنزلن علينا السكينة، وكن لنا صاحبا في السفر، ومن علينا بالوصول إلى الأهل سالمين كما مننت بقضاء الوطر، ولا تجعله آخر العهد بزيارة سيد البشر» .
وأهل هلال المحرم ليلة الأربعاء مفتتح عام خمسة وثمانين وست مائة، ونحن بالمنزل المعروف بمطرح الغزالة، اللهم أهلله علينا بالأمن والإيمان والسلام والإسلام، واجعله عاما سعيدا، وازو لنا السفر، وقرب لنا ما نخاله بعيدا.
ووافينا يوم الأربعاء صبيحة الغرة وادي الصفراء، ومنه يرفع الناس الماء إلى ينبع، والعامة تقول الينبوع، ورحلنا منها ضحاء يوم الخميس، وسرنا بقية يومنا، ثم نزلنا منزلا لم يسم لنا، ثم قمنا منه لينبع فوفيناه عصر يوم الجمعة الثالث لمحرم، وكان يوما صائفا شديد القيظ، على أنه لم يكن زفر قيظ، كابد الناس فيه من العطش شدة حتى ذكر أنه مات بعض المشاة عطشا، ووجه الأمير رواياه مسرعة إلى ينبع ليستقوا الماء ويلتقوا به الناس، ولما وافينا ينبع خرج مغنون بأصوات طيبة عذبة يرددون هذه الأبيات ويحيون بها القادمين نفوسهم بطيب تلك النغمات.
أيها القادمون أهلا وسهلا ... كيف نجد؟ وكيف بان المصلى؟
كيف خلفتم العقيق، وسلعا ... وقبا والنقى ومن ثم حلا؟
فأجابوا: لله ما كان أهنا ... زمن الملتقي! وما كان بأحلى
لله درهم حادوا عن الجواب، لما رأوا أنهم لا عذر لهم في الإياب وأقمنا هناك للراحة من التعب، ولأن الركب المصري ربما تخفف من