ثم وطأ قبلهما بيتين، وهما:
قفوا سلموا، هذا ضريح محمد ... أما تبصرون النور أسنى من الشمس
فصلوا عليه واسألوا وتوسلوا ... إلى الله بالمبعوث للجن والإنس
وكتبها لنا عنه هنالك صاحبنا الوزير الفاضل السري، الكامل أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حفظه الله وتولاه وأعانه على شكر ما أولاه، ولما دخلنا حريم الروضة الكريمة، سألت الشيخ الفقيه الأديب الحافظ أبا الحسن المذكور أن ينشدني شيئا لنفسه في المعنى، فأنشدني عند الرأس الكريم رأس المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكتبهما لنا صاحبنا ورفيقنا الوزير الفاضل أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بخطه شركه الله تعالى.
أقول إذا ما نحن صرنا بطيبة ... نزلنا بحمد الله بالمنزل الرحب
نزلنا بمغنى أكرم الخلق كلهم ... قرآنا عليه اليوم مغفرة الذنب
وحضرت انتظار صلاة الجمعة مستقبل المنبر الكريم، وكنت قد قعدت لشدة الازدحام عند آخر المسقف على البناء الذي هنالك شبه دكان مستطيل كأنه حد للروضة المحمدية المشار إليها بقوله عليه السلام: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة» ، فجاء جلوسي أمام الصفوف، فاجتذبني رجل من أمراء الشام كان قاعدا خلفي أو جليسه، وفسحا لي ما بينهما فأفاضا في الحديث معي مؤنسين وكان جليسه من أهل العلم ولم أعرفه قبل ولا بعد، فجرى ذكر أبي بكر بن العربي الطائي الحاتمي أو أجراه ذلكم الرجل جليس الأمير، فقال: حكى لي ابن العربي أنه قَالَ: كنت هنا يوما فجاء رجل فقال لي: أأنت ابن العربي؟ قلت: نعم، قَالَ: أأنت الطائي الحاتمي؟ قلت: نعم، فقال: أنت الفتى الذي تزعم أنك تخبر عن الله؟ فقلت: نعم، فقال: فما قَالَ لك؟ قَالَ: فرمت أن أنطق فلم أطق، فعلمت أن صاحب الحال يقطع صاحب المقال، هذا أو نحوه.