طاف عليه ماشيا أو رافعا إحدى رجليه، وهي اليسرى، معتمدا على جدار البيت لئلا يفوته تقبيل الركن عند الازدحام، فنقول والله المرشد: قَالَ الإمام أبو عمرو ابن الصلاح رحمه الله: الواجب السادس أن يكون في طوافه خارجا بجميع بدنه عن جميع البيت، ولو طاف داخل البيت لم يصح، ولو طاف على شاذوران البيت أو في الحجر، فلا يصح أيضا لأنه طائف في البيت، وذلك أن الشاذوران والحجر كلاهما من البيت.
أما الشاذوران فهو القدر الذي ترك في عرض الأساس خارجا عن عرض الجدار خاليا من البناء، فإن قريشا لما رفعوا الأساس بمقدار ثلاث أصابع من وجه الأرض نقصوا عرض الجدار عن عرض الأساس الأول، فبقي ذلك القدر من عرض أصل الجدار جزءا من البيت العتيق المأمور بطوافه خارجا عن الجدار المرتفع، وهو ظاهر لكن لا يظهر عند الحجر الاسود، وقد أحدث عنده في زماننا شاذوران، والشاذوران يصعده الجاهل فيمشي بطوافه عليه، فيبطل طوافه لأنه يكون طائفا في البيت، ولو مر خارج الشاذوران وهو يمس الشاذوران بيده فالأصح الذي عليه الأكثرون من أئمتنا أنه لا يصح طوافه، لأن يده إذا كانت في هذا الشاذوران فهي في البيت، والشرط أن يكون جميع بدنه منفصلًا عن البيت وعند هذا ينبغي أن يتفطن لدقيقة ذكرها بعض المتأخرين من أيمتنا وهي أن من قبل الحجر الأسود فرأسه في حالة التقبيل في البيت فعليه أن يقر قدميه في موضعيهما حتى يفرغ من التقبيل ويعتدل قائما فإنه لو زالت قدماه عن موضعيهما قليلا ولو بقدر شبر، ثم لما فرغ من التقبيل اعتدل قائما عليهما في الموضع الذي زالا إليه، ومضى من هناك في طوافه لكان قد قطع قدر شبر من مطافه مع كون بعض جسده في هواء الشاذوران الذي هو من البيت فيبطل طوافه كما سبق.
وأما الحجر فهو خارج عن جدار البيت في صوب الشام والمغرب، والميزاب فيه فوقه، وهذا الحجر محوط مدور على صورة نصف دائرة، والحجر أو بعضه من البيت، أخرجته قريش من البيت حين بنوه، لكون النفقة من الحلال قصرت