رؤساء القبائل الضاربة على جنبات طرق التجارة، فكان يحمل لهم تجاراتهم دون أجر؛ وبذلك ربط هاشم مصالح القبائل الاقتصادية بمصلحة مكة، وكون بذلك شبكة تجارية تربط مكة بما حولها، وبذلك أخذت قريش تسيطر شيئًا فشيئًا على التبادل التجاري بين الشمال والجنوب، وعظمت قوافلها حتى لتبلغ القافلة الواحدة خمسمائة وألفي بعير تحمل عروض التجارة المختلفة. وقد بلغ قيمة ما تحمله قافلة عدد جمالها خمسمائة وألف بعير خمسين ألف دينار1، وهو مبلغ كبير إذا قِسناه بقيمة العملة في تلك الأيام. وكانت القوافل تحمل حاصلات الجنوب؛ فتحمل من حاصلات الهند المنتجات التي ترد إلى مواني الجنوب، وأهمها الذهب والقصدير والحجارة الكريمة والعاج وخشب الصندل والتوابل والأفاوية كالبهار والفلفل ونحوهما، والمنسوجات الحريرية والقطنية والكتانية والأرجوان والميعة والزعفران والآنية من الفضة والصُّفَّر والحديد. كما تحمل من حاصلات أفريقيا الشرقية العطور والأطياب وخشب الأبنوس وريش النعام والجلود والذهب والعاج والرقيق2. كما تحمل من حاصلات اليمن البخور واللبان والمر واللادن والعطور والحجارة الكريمة كاليشب والعقيق والجلود ذات الرائحة الطيبة3. ومن حاصلات جزيرة سقطرة العود والند، ومن البحرين اللؤلؤ.
وتحمل من الشمال القمح والدقيق والزيت والخمر ومصنوعات فينيقيا4. هذا بالإضافة إلى ما تحمله من حاصلات بلاد العرب نفسها من الزيت والبلح والقرظ والصوف والوبر والشعر والجلود والسمن5.
كان تجار مكة يحملون هذه البضائع إلى الشمال والجنوب في رحلات الصيف والشتاء. وكانت البضائع تفرغ في مكة، ثم تخرج منها في القوافل إلى الجهات الأخرى. وقد اعتمد الروم على تجارة مكة إلى حد كبير، وخصوصًا بعد أن احتدم الصراع بينهم وبين الفرس، وأصبح الفرس يسيطرون على التجارة الواردة عن طريق الشمال المار