المسلك الرابع: أنه قد نص كثير من الأئمة والعلماء على أن أحد الطرق الدالة على اجتهاد العالم هي: انتصابه للفتيا, ورجوع [عامة المسلمين] إليه من غير نكير من العلماء والفضلاء, وموضع نصوص العلماء على ذلك في علم أصول الفقه, وهناك يذكر الدليل على أن ذلك كاف في معرفة اجتهاد العالم وجواز تقليده، وممن ذكر ذلك من أئمة الزيدية, وشيوخ المعتزلة المنصور بالله في كتابه: " الصفوة " , وأبو الحسين البصري في كتابه " المعتمد ".
وهذا في سكوت سائر العلماء عن النكير على المفتي, فكيف بسكوت ركن الإسلام من عصابة التابعين, ونبلاء سادات المسلمين ومن هم من خير القرون بنص سيد المرسلين, فقد كان الإمام أبو حنيفة معاصرًا لذلك الطراز الأول كما سيأتي.
وقد تطابق الفريقان من أهل السنة والاعتزال, على التعظيم لأبي حنيفة والإجلال؛ أما أهل السنة فذلك أظهر من الشمس, وأوضح من أن يدخل فيه اللبس.
وَلَيْسَ يَصِحُّ فِي الأَفْهَامِ شَيْءٌ ... إِذَا احْتَاجَ النَّهَارُ إِلَى دَلِيلٍ
وأما المعتزلة: فقد تشرفوا بالانتساب إليه, والتعويل في التقليد عليه, كأبي عَلِيٍّ, وولده أبي هاشم من متقدميهم, وأبي الحسين البصري, والزمخشري من متأخريهم , وهم وإن قدرنا دعواهم الاجتهادَ