فعلينا أن نراجع أنفسنا ونحاسبها فديننا دين الأخلاق, ووالله ما انتشر الدين في ربوع العالم إلا بالأخلاق التي أظهرت عظمة هذا الدين ومقوماته في سائر شئون الحياة، ولقد أجاد الشاعر لماقال:
وإنما الأمم الأخلاق مابقيتْ: فإنْ هم ذهبتْ أخلاقُهم ذهبوا
وعلماء الإسلام قديما وحديثا اعتنوا اعتناء عظيما ببيان محاسن الأخلاق ومساوئها وأفردوها بالمصنفات. فقد ألف في ذلك ابن أبي الدنيا والخرائطي وابن الوردي وابن أبي الفتح البستي وغيرهم.
فمن هذه المنطلقات الثابتة أشار إليَّ والدي وشيخي وأستاذي ـ حفظه الله وأمده في حياته ـ أن أكتب رسالة في بيان محاسن الأخلاق التي ينبغي للمسلم أن يتحلي بها في حياته لينال بذلك أعلي الدرجات وأرفع المنازل في الدنيا والآخرة.
وبعد توفيق ومدد من الله عزوجل شرعت في كتابة هذه الرسالة, وكان التركيز علي ذكر محاسن الأخلاق دون مساوئها إيمانا مني أن من تحلي بهذه الفضائل والمكارم وجسدها في حياته لن يصدر منه ما يُسيئ أخلاقَه ويَمتهِن شخصيتَه.
ولابد أن نعلم أن حسن الخلق يقوم علي أربعة أركان: الصبر والعفة والشجاعة والعدل. فالصبر يحمل علي احتمال الأذي وكظم الغيظ وكف الأذي، والعفة تجنب الإنسان الرذائل والقبائح، والشجاعة تحمل علي عزة النفس والتحلي بمعالي الأخلاق، والعدل يحمل علي الاعتدال والوسطية, كما أن الأخلاق السافلة مبناها علي أربعة أخلاق: الجهل والظلم