وكما يكون الخُلقُ طبيعة, فإنه قد يكون كسباً, بمعنى أن الإنسان كما يكون مطبوعاً على الخلق الحسن الجميل, فإنه أيضاً يمكن أن يتخلق بالأخلاق الحسنة عن طريق الكسب والمرونة.
ولذلك قال الني صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس: "إن فيك لخلقين يحبهما الله: الحلم والأناة" قال يا رسول الله, أهما خلقان تخلقت بهما, أم جبلني الله عليهما, قال: "بل جبلك الله عليهما". فقال: "الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما ورسوله" 1.
فهذا دليل على أن الأخلاق الحميدة الفاضلة تكون طبعاً وتكون تطبعا, ولكن الطبع بلا شك أحسن من التطبع, لأن الخلق الحسن إذا كان طبيعياً صار سجية للإنسان وطبيعة له, لا يحتاج في ممارسته إلى تكلف, ولا يحتاج في استدعائه إلى عناء ومشقة, ولكن هذا فضل الله يؤتيه من يشاء, ومن حُرم هذا – أي حُرم الخلق عن سبيل الطبع – فإنه يمكنه أن يناله
عن سبيل التطبع, وذلك بالمرونة, والممارسة كما سنذكر إن شاء الله تعالى فيما بعد.