وحسن خلق النبي عليه الصلاة والسلام في هذه القصة ظاهر بين: فإنه لم ينهر هذا الرجل, ولم يشتمه ولم يوبخه, لأنه جاء نادماً تائباً خائفاً, فرأى النبي عليه الصلاة والسلام بعلمه وحكمته أن هذا الرجل لا يستحق أن يوبخ, بل يبين له الحق الذي جاء من عند الله, ويعامل بالرفق واللين وهذا من رحمته صلى الله عليه وسلم, التي مدحه الله تعالى بها في كتابه حيث قال: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ} 1.
وقال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} 2
وأما صفاته صلى الله عليه وسلم فهو المقدم في كل صفه حميدة عرفت شرعاً أو طبعاً.
ففي الكرم: كان صلى الله عليه وسلم أكرم الناس, يعطي عطاءً لا يعطيه أحد من بشر, جاءه رجل فأعطاه غنما من جبلين, فرجع إلى قومه فقال: يا قوم, أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء لا يخشى الفاقة3.
وقال جابر بين عبد الله رضي الله عنهما ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم