إصلاحاً, فإن تضمن العفو إساءة فإنه لا يندب إلى ذلك, لأن الله اشترط, فقال: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ} 1 أي كان في عفوه إصلاح, أما من كان في عفوه إساءة أو كان سبباً للإساءة, فهنا نقول: لا تعف! مثل أن يعفو عن مجرم, ويكون عفوه هذا سبباً لاستمرار هذا المجرم في إجرامه فترك العفو هنا أفضل وربما يجب ترك العفو حينئذٍ.
ومن مكارم الأخلاق أيضاً بر الوالدين: وذلك لعظم حقهما. فلم يجعل الله لأحد حقاً يلي حقه وحق رسوله صلى الله عليه وسلم إلا للوالدين. فقال: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} 2.
وحق الرسول ضمن الأمر بعبادة الله, لأنه لا تتحقق العبادة حتى يقوم العبد بحق الرسول عليه الصلاة والسلام, بمحبته واتباع سبيله, ولهذا كان داخلاً في قوله: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} . وكيف يعبد الله إلا من طريق الرسول صلى الله عليه وسلم؟!
وإذا عبد الله على مقتضى شريعة الرسول صلى اله عليه وسلم, فقد أدى حقه.
ثم يلي ذلك حق الوالدين, فالوالدين تعبا على الولد, ولا سيما الأم قال الله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيهِ إِحْسَانًا حَملَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعتْهُ كُرْهًا} 3, وفي آية أخرى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ