الباب الثالث: التراث وتحقيقه ونشره

الفصل الأول: التراث والجهود المبذولة في نشره

معنى التراث:

التراث في اللغة: مأخوذ من ورث، فالتاء مبدلة من واو هي فاء الكلمة, والورث أو الإرث بمعنى: البقاء، والوارث بمعنى: الباقي، والميراث أو التراث سمي بذلك لأنه يبقى بعد ذهاب صاحبه, والورثة لأنهم يبقون بعد مورثهم قال تعالى: {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا} .

ومن هنا يطلق التراث أو الميراث على كل ما يخلفه الإنسان من مال أو علم أو نحوهما. وفي الحديث: "العلماء ورثة الأنبياء".

لكنني ألمح في لفظ "التراث" إيحاء خاصا إلى ما خلفه الأدباء من علوم ومعارف ومصنفات، حتى صارت في تقديري علمًا بالغلبة على النتاج الفكري لأسلافنا الذين سبقونا بالبحث والدرس، وارتياد دروب التصنيف.

ولأمتنا نتاج غزير في شتى دروب المعارف الإنسانية، كما أنه متنوع في طريقة عرضه بين الإيجاز والتوسع، كما تختلف طرق عرضه، فهو يعرف المتون والشروح، والحواشي، والتقريرات وهو يعنى متابعة المعارف، والتعقيب عليها بالحوار حتى تنجلي أفكاره.

والمطبوع من هذا التراث أقل من المخطوط، ومخطوطاتنا تزدحم بها مكتبات العالم في الشرق والغرب.

وبداية الكلام عن التراث نشأ عند ظهور المطبعة، واكتشاف آلات الطباعة التي يسرت الكتاب وجعلته في متناول الجمهرة من المثقفين، وكان من قبل ذلك مقصورًا على أهل اليسار الذين يملكون ثمن الكتاب، ويعدون اقتناءه في بيوتهم زينة للبيت، كأية قطعة يعتزون بها من قطع الأثاث.

فمنذ ظهور المطبعة تحدث المثقفون عن المطبوع والمخطوط، وصارت كلمة التراث أكثر إطلاقًا على المخطوط منه بخاصة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015