يزالوا في انقراض، ولم يزل في اندراس، حتى آضت به الحال إلى أن صار أهله إنما وهم شِرْذِمة قليلة العَدد، ضعيفة العُدد، لا تُعنَى على الأغلب في تحمله بأكثر من سماعه غُفْلاً، ولا تتعنى في تقييده بأكثر من كتابته عُطْلاً، مُطَّرحين علومَه التي بها جلَّ قدرُه، مباعدين معارفه التي بها فخم أمره. فحين كاد الباحث عن مشكله لا يُلفى له كاشفًا، والسائل عن علمه لا يلقى به عارفًا، مَنَّ الله الكريم، تبارك وتعالى وله الحمدُ أجمع، بكتاب معرفة أنواع علم الحديث هذا الذي أباح بأسراره الخفية، وكشف عن مشكلاته الأبِيَّة، وأحكم معاقده وقَعد قواعده، وأثار معالمه، وبيَّن أحكامه، وفصَّل أقسامه، وأوضح أصوله، وشرح فروعَه وفصوله، وجمع شتاتَ علومه وفوائده، وقنص شوارد نُكَتِه وفرائده. فالله العظيمَ - الذي بيده الضر والنفع والإِعطاء والمنع - أسأل، وإليه أضرع وأبتهل، متوسلا إليه بكل وسيلة، متشفعًا إليه بكل شفيع، أن يجعله مَلِيًّا بذلك وأملى (?)، وافيًا بكل ذلك وأوفى "، وأن يعظم الأجر والنفع به في الدارين، إنه قريب مجيب. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب *.