الأكراد المشار إليهم)) (?)، ومن ثَمَّ تقلبت به صروف الدهر ما بين موطنه والموصل، حتَّى استقر به الأمر في حلب (?)، فتولَّى هناك التدريس في المدرسة الأسدية (?)، حَتَّى تُوفِّي بحلب في ذي القعدة سنة (618هـ) (?).
ولقد رعى الوالد ولده وأحسن تربيته، فلقَّن ابنه - الذي ظهرت عليه مخايل النباهة وعلوُّ الهمة وعظيم النشاط - الفقه، ومما يدل على ذلك ما روي عنه أنه أعاد قراءة كتاب " المهذب " على والده أكثر من مرة ولم يختط شاربه بعد (?).
والذي يبدو لنا: أن الوالد لما أحسَّ بنهم ولده للعلم، اكتفى بأن أعطاه مبادئ العلوم الأولية، ومن ثم ترك لولده مهمة اختيار طبيعة دروسه، فلم يهمل الولد تنويع مصادر معرفته، فطلب على مشايخ بلده الذين كان غالبهم من الأكراد (?).
وبعد أن أدرك أبو القاسم أن تطلّعات ولده تسمو به عن أن يفي بها معلمو قريته الصغيرة، فسافر به إلى مدينة الموصل (?) - إحدى أكبر حواضر الإسلام - ولم يطل المقام به كثيراً فيها (?)، فما هو إلاَّ أن اشتدَّ عوده وقوي على تحمّل أعباء الحياة، حَتَّى يمَّم وجهه صوب قبلة العلم وجوهرة الشرق دار السلام "بغداد" (?)، التي كانت آنذاك تعجّ بمظاهر العِلْم، وصنوف أرباب المعرفة وطلابهم، فوردها تقي الدين وسمع بها من جملة من