وقالَ بعضُ المتأخِّرينَ (?): ((الحديثُ الذي فيهِ ضَعْفٌ قريبٌ مُحتَملٌ هو الحديثُ الحسنُ، ويَصْلُحُ للعملِ بهِ)).

قلتُ: كُلُّ هذا مُسْتَبْهَمٌ لا يَشْفِي الغليلَ، وليسَ فيما ذَكَرَهُ التِّرمذيُّ والخطَّابيُّ ما يَفْصِلُ الحسَنَ مِنَ الصحيحِ. وقدْ أمعَنْتُ (?) النَّظَرَ في ذلكَ والبحثَ جامعاً بينَ أطرافِ كلامِهِم، ملاحظاً مواقعَ استعمالِهم؛ فتنَقَّحَ لي (?) واتَّضَحَ أنَّ الحديثَ الحسَنَ قِسْمانِ (?):

أحدُهُما: الحديثُ الذي لا يخلو رجالُ إسنادِهِ مِنْ مستورٍ لَمْ تَتَحَقَّقْ أهليَّتُهُ، غيرَ أنَّهُ ليسَ مُغَفَّلاً كثيرَ الخطأِ فيما يَرْويهِ، ولا هوَ متَّهَمٌ بالكذبِ في الحديثِ، أي: لَمْ يَظهرْ منهُ تَعمُّدُ (?) الكذبِ في الحديثِ ولا سببٌ آخرُ مفسِّقٌ، ويكونُ متنُ الحديثِ معَ ذلكَ قد عُرِفَ بأنْ رُوِيَ مِثْلُهُ أو نحوُهُ مِنْ وجهٍ آخرَ أو أكثرَ، حتَّى اعتضَدَ بمتابعةِ مَنْ تابعَ راويَهُ على مثلِهِ، أو بما لَهُ مِنْ شاهِدٍ، وهوَ ورُودُ حديثٍ آخرَ بنحوِهِ، فيَخْرُجُ بذلكَ عَنْ أنْ يكونَ شاذّاً ومُنْكَراً. وكلامُ الترمِذِيِّ على هذا القسمِ يتَنَزَّلُ.

القسمُ الثاني: أنْ يكونَ راوِيْهِ مِنَ المشهورينَ بالصدقِ والأمانةِ، غيرَ أنَّهُ لَمْ يبلغْ درجَةَ رجالِ الصحيحِ؛ لكونِهِ يقصُرُ عنهم في الحفظِ والإتقانِ، وهو معَ ذلكَ يرتفِعُ عَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015