وَقَدْ سَبَقَ إِلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَاهُ الْحَافِظُ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيمَا رُوِّينَا عَنْهُ تَوَسُّعَ مَنْ تَوَسَّعَ فِي السَّمَاعِ مِنْ بَعْضِ مُحَدِّثِي زَمَانِهِ الَّذِينَ لَا يَحْفَظُونَ حَدِيثَهُمْ وَلَا يُحْسِنُونَ قِرَاءَتَهُ مَنْ كُتُبِهِمْ، وَلَا يَعْرِفُونَ مَا يُقْرَأُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الْقِرَاءَةُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَصْلِ سَمَاعِهِمْ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي قَدْ صَحَّتْ، أَوْ وَقَفَتْ بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالسُّقْمِ قَدْ دُوِّنَتْ وَكُتِبَتْ فِي الْجَوَامِعِ الَّتِي جَمَعَهَا أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَذْهَبَ شَيْءٌ مِنْهَا عَلَى جَمِيعِهِمْ، وَإِنْ جَازَ أَنْ يَذْهَبَ عَلَى بَعْضِهِمْ، لِضَمَانِ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ حِفْظَهَا.

قَالَ: " فَمَنْ جَاءَ الْيَوْمَ بِحَدِيثٍ لَا يُوجَدُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، وَمَنْ جَاءَ بِحَدِيثٍ مَعْرُوفٍ عِنْدَهُمْ فَالَّذِي يَرْوِيهِ لَا يَنْفَرِدُ بِرِوَايَتِهِ، وَالْحُجَّةُ قَائِمَةٌ بِحَدِيثِهِ بِرِوَايَةِ غَيْرِهِ، وَالْقَصْدُ مِنْ رِوَايَتِهِ وَالسَّمَاعِ مِنْهُ أَنْ يَصِيرَ الْحَدِيثُ مُسَلْسَلًا " بِحَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا "، وَتَبْقَى هَذِهِ الْكَرَامَةُ الَّتِي خُصَّتْ بِهَا هَذِهِ الْأُمَّةُ شَرَفًا لِنَبِيِّنَا الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ "، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: فِي بَيَانِ الْأَلْفَاظِ الْمُسْتَعْمَلَةِ بَيْنَ أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، وَقَدْ رَتَّبَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015