يعدّلوا موقفهم وأن يجعلوا ما جاءت به القراءة أساسا لقواعد النحو لا العكس، وقد وقف هذا الموقف عدد من أئمة النحاة المعتبرين كابن مالك وأبي حيان وابن هشام.

وأما قراءة حمزة (والأرحام) بالخفض من قوله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ [النساء: 1]، بعطف لفظ الأرحام على الضمير المتصل وهو الهاء، المجرور بالياء، في (به) فهي جائزة عند الكوفيين، واحتجوا بقراءة حمزة وبعدد من الشواهد من نثر العرب وشعرهم، ومنها قول الشاعر (?):

فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا ... فاذهب فما بك والأيام من عجب

فلفظ الأيام مخفوض بالعطف على الكاف في بك، والتقدير: بك وبالأيام.

ولذا رجح ابن مالك جواز مثل هذا العطف فقال في ألفيته (?):

وعود خافض لدى عطف على ... ضمير خفض لازما قد جعلا

وليس عندي لازما إذ قد أتى ... في النثر والنظم الصحيح مثبتا

والتجرؤ على ردّ مثل هذه القراءة خطير، فهي ليست قراءة حمزة وحده، ونسبتها إليه لاشتهاره بها، وقد قرأ بها كثيرون منهم: الأعمش، وابن أبي ليلى، وطلحة بن

مصرف، وجعفر الصادق، وحمران بن أعين، والأسود بن يزيد بن قيس، وزر بن حبيش، وعلقمة بن قيس، وزيد بن وهب، ومسروق بن الأجدع (?) فهؤلاء جميعهم من شيوخ حمزة، وهي بذلك ثابتة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم فمن ردّها فقد ردّ على النبي صلّى الله عليه وسلم، وهذا مقام خطير محذور لا يقلد فيه أئمة اللغة والنحو (?).

وأما قراءة ابن عامر: وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ [الأنعام: 137] وفيها الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول، وهو غير جائز عند البصريين إلا للضرورة (?)، وخالفهم عدد من الأئمة وقالوا بجواز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015