هذا سيدنا عمرو بن العاص كتب في الوصية قوله: ولا يقبلني بعد موتي من كان يحرم عليه تقبيلي في حياتي، يريد أن يحافظ على نفسه بعد ذهاب روحه؛ لأنها أمانة، فتمنع من تقبيله بنت خالته، وبنت عمه، ونحوهما، وليس بمجرد موته أبقى ناظراً إليه؛ لأن الميت عورة، وأنت يا من تغسل لو رأيت أي شيء في جسم الميت فلا يجوز أن تتكلم به، وهذا أخطر من الغيبة.
ويقال -والعهدة على الراوي- إن في زمن الإمام مالك، كانت امرأة تغسل امرأة أخرى، فبينما هي تغسلها قالت: -أي: المغسلة- كم ارتكب هذا الفرج من فواحش، والميت ليس كالحي الذي يستطيع أن يرد، فالذي حدث أن يد المغسلة التصقت في جسد الميتة، فاجتمعوا في الخارج وقالوا: ماذا نعمل؟ قالوا: لا يوجد أحد، فقالوا: اقطعوا يدها، ثم قالوا: نسأل الإمام مالكاً، فجاء الإمام مالك وقعد خارج الغرفة فقال: يا أمة الله! هل اغتبت الميتة أو قلت في حقها شيئاً؟ قالت له: قلت كذا كذا، قال: استسمحيها، فاستغفرت الله واستسمحتها، فانفكت يدها بعيداً.
فقيل: لا يفتى ومالك في المدينة.
والعهدة في هذه القصة على الراوي، أما أنا فلا أصدق ولا أكذب، لكن المهم: أن الميت له عورة وحرمة، فينبغي أن نحافظ عليه.