كنا قد توقفنا مع صلاة الجماعة واليوم نتحدث عن سجود السهو.
فالإنسان قد يسهو في الصلاة إما بنقص أو بزيادة، وليس ذلك عمداً، فمن تعمد أن يزيد في الصلاة شيئاً أو أن ينقص شيئاً بطلت صلاته.
صلى النبي عليه الصلاة والسلام بالصحابة بعد عودته من غزوة الخندق صلاة العصر فصلى ركعتين ثم سلم، وكان يصلي وراء الحبيب المصطفى دائماً أبو بكر وعلى يمين أبي بكر عمر، وهاذان الاثنان كانا أكرم اثنين عند سيدنا الحبيب، وكان يسأل دائماً قبل أن يبدأ في الصلاة: أين أبو بكر؟ أين عمر؟ وكان يقول: (ليلني أولو الأحلام منكم) أي: الذي يصلي خلفي يكون أعلم الناس؛ من أجل أنه لو حصل للإمام غلط أو نقض للوضوء فيتقدم للصلاة من هو خلفه.
ولذلك نحن دائماً نقول: لو كان في المسجد إمام راتب ودخل أعلم العلماء في هذا المسجد فمن باب أولى أن يصلي الإمام الراتب الإمام الذي تعود الناس أن يصلوا خلفه في هذا المكان؛ لأنه يعرف من الذي يصلي خلفه، إلا إذا أذن لهذا العالم فهو يتقدم للصلاة، وهناك نائب الإمام كما يسميه بعض الفقهاء، ويجوز أن يقف على يمين الإمام لوحده، فقد أجاز بعض العلماء ذلك ويكون متأخراً قليلاً ولكن أطراف أصابع قدمه تكون عند كعب الإمام فيسد الفرجة.
وحكم من أتى ليصلي فوجد صفاً خلف الإمام ولا أحد يصلي في الصف الثاني فهو مخير بين أمرين: إما أن يسحب واحداً من الصف؛ ولابد أن نتفهم هذا الشيء، فعندما يسحبني شخص فإني ألين معه وأنسحب، لا أن يشد وأنا أشد، وإن شد الإنسان شخصاً فلم يتجاوب معه يتركه فإنه لا يعرف الحكم؛ وهو بذلك سوف يخرجه من خشوعه في الصلاة.
ولا تمسكه بعد الصلاة وتوبخه بأنه جاهل ولا يعرف الحكم.
فـ أبو حنيفة قال: تعلمت خمسة مناسك من مناسك الحج من حجام، أي الذي يداوي الناس بالحجامة، وهو عمل ممتهن، أو كما يطلق عليه: مزين؛ لأنه يزين الإنسان بحلاقة شعره.
وقد ابتلي شباب المسلمين بأنواع من الحلقات المخيفة والتي نسأل الله عز وجل أن يعافي شباب المسلمين منها.
فإذا أتيت لوحدك في الصف فاسحب أخاك ليصلي بجوارك من أجل ألا تبقى وحدك، قال عليه الصلاة والسلام: (إن الذئب يأكل من الغنم الشاردة) فوقوفك في الصف لوحدك يسهل للشيطان أن يوسوس لك.
إذاً: أنت مخير بن أن تجذب أخاً من الصف ليصلي بجوارك أو أن تقف وتصلي لوحدك.
وإذا دخلت من باب المسجد فوجدت صفين أو ثلاثة؛ فمن أجل أن تدرك الإمام في الركوع كبرت وركعت، ثم نظرت ووجدت أنه بينك وبين الصف مسافة شاسعة بمقدار صفين وهذه مسافة كبيرة، وقد أجاز بعض الفقهاء أن تتحرك خطوتين أو ثلاثاً فقط من أجل أن تنضم إلى الصف إن كان فيه فرجة، وهذا لا يبطل الصلاة.
وإذا دخلت في الصلاة فحصل خلخلة أو اتسعت فرجة في الصف الذي أمامك إما بسبب خروج مصل أو غير ذلك، فتقدم وسد الفرجة فقد جاء في الحديث: (من سد فرجة في الصف غفر له).
فسيدنا أبو بكر وسيدنا عمر كانا خلف الحبيب في الصلاة قال: (فلما قرأ التشهد الأول -أي النبي عليه الصلاة والسلام- سلَّم، فهاب أبو بكر وعمر أن يكلما رسول الله) على الرغم من أنهم أقرب الناس له- ولكن من الهيبة خافا أن ينبها رسول الله إلى ذلك.
(فبعد أن سلم خرج السرعان من المسجد) والسرعان جمع سريع وهؤلاء هم الناس الذي يخرجون من المسجد بعد التسليم مباشرة، فقال ذو اليدين: (يا رسول الله! أقصرت الصلاة أم نسيت؟ قال: ما قصرت وما نسيت قال له: بل نسيت يا رسول الله، فقال عليه الصلاة والسلام: أحقاً ما يقول ذو اليدين؟ فقال عمر بن الخطاب: نعم يا رسول الله! فقام وكبر ثم صلى ركعتين ثم سجد سجدتي السهو).
وهذا النسيان الذي أصاب النبي صلى الله عليه وسلم بيان لبعض أحكام السهو، وهو بهذا وضع قاعدة فقهية.
أما بالنسبة لسجود السهو، فالسهو جميعنا نقع فيه، وهذا ناتج عن الانشغال بغير الصلاة، قال عليه الصلاة والسلام: (ليس لابن آدم من صلاته إلا ما عقل منها) أي: أن الملائكة يكتبون لك الشيء الذي أدركت بذهنك أنك تصلي.