ثبت في الصحيح أن أم سليم مرض ابنها فذهب أبوه أبو طلحة إلى المسجد لصلاة المغرب، ففاضت روح ابنه إلى بارئها وغطته أم سليم، فلما رجع أبو طلحة قال: كيف حال الغلام؟ قالت: هو أسكن ما كان، وهذا الكلام فيه تورية، فقدمت له طعام عشائه وتزينت له، وقبيل الفجر قالت له: يا أبا طلحة! قال: نعم، قالت: لو أن جيراننا استودعهم قوم أمانة وجاء أصحاب الأمانة ليأخذوا أمانتهم، فرفض جيراننا إعادة الأمانة إلى أصحابها، قال: لقد أخطأ جيراننا، إن الله يقول: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء:58]، فقالت: إن ابننا كان أمانة عندنا فأخذها صاحبها.
فخرج يصلي خلف الحبيب صلى الله عليه وسلم وأعلمه بموت ابنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا طلحة! أعرستم الليلة؟ قال: نعم، قال: اللهم بارك لهما فيه، فأنجب أبو طلحة سيدنا عبد الله بن أبي طلحة الذي أنجب أحد عشر ولداً كلهم كانوا من حفظة كتاب الله.
فيا أخي المسلم! إن رزقك الله الابن أو البنت فافرح في كلا الأمرين، وإن لم يرزقك لا بهذا ولا بذاك فاصبر إلى أن يأتي رزق الله.
ويروى أن أبا حمزة -شيخ أعرابي- تزوج امرأة فأنجبت له ثمان بنات، فغضب وهجرها، وكان يبيت في بيت من بيوت جيرانه، فمر عليها يوماً وهي ترقص ابنتها وتقول: ما لأبي حمزة لا يأتينا يظل في البيت الذي يلينا غضبان ألا نلد البنينا والله ما هذا بعيب فينا وإنما نأخذ ما أعطينا ونحن كالأرض لزارعينا ننبت ما قد زرعوه فينا إذاً: إذا رزقك الله بابنة فلا تضجر؛ لأن رزق البنت ضعف رزق الولد، يقول الله عز وجل عندما تهبط البنت من بطن أمها: (ضعيفة خلقت من ضعيفة، أشهدكم يا ملائكتي أن من عالها أعوله حتى يموت)، وقال صلى الله عليه وسلم: (من ربى ثلاث بنيات فأحسن تربيتهن كن حصناً له من النار أو أدخلناه الجنة، قالوا: واثنتان يا رسول الله؟! قال: واثنتان، قالوا: وواحدة؟! قال: وواحدة) وذلك لأن تربية البنت يحتاج إلى تركيز ومجهود وانتباه، فلا يجوز أن يغفل الأب إلى أن يلاقي بنته تذهب إلى الجامعة وهي لابسة البنطلون، وتشرب السجائر، ولابد للأب أن يمهد لها الحجاب من سن السابعة أو الثامنة أو التاسعة، وبعدها تلاقي أمها لابسة النقاب والخمار والحجاب، وكذلك خالتها وعمتها وأختها الكبيرة، فتنشأ البنت في بيئة مسلمة، لكن إن رأت أمها واقفة أمام الباب نازعة خمارها أو نقابها فهي ستفعل مثلها: وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه فالأب والأم يعودان الطفل على شيء وإن لم يظهر، إذ إن الولد عبارة عن كمبيوتر ترجمان لترجمة أحداث تقع أمامه، فإذا وجد البيئة سيئة أمامه، ووجد الأب يرفع صوته على أمه، ووجد الأم هي المسيطرة في البيت، والخلاف بينهما في كل لحظة، فإنه ينشأ على هذه الصفات السيئة، حتى إن كثيراً من البيوت التي تحدث فيها المشاكل تجد الولد يقول: أنا يا عم! إذا كبرت لن أتزوج، وعمره خمس سنين، فتقول له: لماذا؟ يقول: الزواج هم ومشاكل؛ يقول ذلك لأنه لم ير من الزواج إلا هذا، فنصيحتي لك يا أخي المسلم أنه إذا حصل شجار بينك أنت وامرأتك وتريد تعاتبها، فخذها في داخل الغرفة بعيداً عن أولادك ولا تتح لجو الفساد أن ينتشر في البيت.