إن الأولاد من رزق الله وفضله علينا، ولهم حقوق علينا كما أن لنا حقوقاً عليهم.
وقد يقول قائل: لماذا الولد يكون وديعاً وطيباً ولطيفاً في طفولته، حتى إذا كبر ودرس وأكمل الدراسة في الجامعة وتوظف؛ نسي والديه وانقلب عليهما؟! فما الذي يجعل الولد عاصياً بعدما كان مطيعاً؟! نسأل الله الهداية لأبنائنا وبناتنا، اللهم تب على كل عاق واهده يا أكرم الأكرمين.
والعقوق مسألة منتشرة نواجهها في البيوت، ولا توجد أسرة أو عائلة تخلو من ولد عاق أو بنت عاقة، فما هو الذي قلب الموازين وجعل هذا الولد البار المطيع يصبح عاقاً؟ وما الذي يجعل أولادنا بعد أن كانوا في المساجد يصادقون الأشرار ويشربون السجائر، أو يتعاطون -والعياذ بالله- المخدرات؟ إن المولود منذ أن ينزل من بطن أمه تصبح له عندنا حقوق قد نغفل عن بعضها، وقد نتذكر البعض الآخر، فدروس السيرة العطرة ونحن نمر عليها نعرف بها ما هو حق الابن على أبيه، وما هو حق الأب والأم على أبنائهما، وعندما نعرف قصة زواج الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم من السيدة خديجة فإننا نتوقف وقفة طويلة عند البيت المسلم والزوجة المسلمة والزوج المسلم، وكيف يتعامل المسلم مع الزوجة العنيدة ذات العشرة السيئة، وكيف تتعامل الزوجة الطيبة المستقيمة الصبورة مع زوج غاضب متهور، أو زوج بخيل يسيء معاملتها؟ وكيف يعالج الإسلام المشكلة إذا حدثت في البيت المسلم قبل أن تستفحل وقبل أن ينتشر الأمر في العائلة؟ والأمر طالما هو في يدك وفي داخل حجرتك فحله ميسور، وأما مشكلة الزوج والزوجة حين تخرج من عتبة الدار فإنها تقلب الحياة الزوجية رأساً على عقب، وإذا بأطراف كثيرة تتدخل: إخوانها وأهلها وإخوانه وأهله، وأمها وأمه، وأبوها وأبوه، وكذلك الأقرباء: الخالات والعمات، فظن في ذلك شراً ولا تسأل عن الخبر.
فكل هذه عبارة عن دروس سأقف عندها ونستفيض في الشرح؛ فلو أن المسلم اتقى الله وأدى حق زوجه، والمسلمة كذلك اتقت الله وأدت حق زوجها، لوثقنا أن نصر الله آت وأن كرمه آت، وأن فضله سبحانه سوف يتنزل علينا، قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف:96].