الدرجة الثانية: الدعاء المخلص لله، والدعاء له خمسة شروط: وأول شروطه: أكل الحلال، نسأل الله أن يحل اللقمة التي نأكلها، لكن وللأسف جل هذه الأموال التي نتقاضاها ربا؛ لأن غالب المعاملات المالية هذا الزمان ربوية، أو تمر عبر بنوك ربوية، لكن مادام أن المسلم ينوي نية صادقة فسييسر الله سبحانه وتعالى له الحلال بإذنه تبارك وتعالى.
والأكل الحلال فيه خير كثير، من ذلك الخير حفظ الله ذلك الحلال وصونه له، يذكر أن سهل بن عبد الله خطفت منه الحدأة قطعة اللحم، وذهبت بها إلى بيته، وتشاجرت هي وغراب فوق بيته، فوقعت اللحمة في بيته، فخاف من امرأته أن يعود بلا لحم كما يخاف الأزواج من زوجاتهم، فذهب الرجل إلى المسجد، ينتظر أن تهدأ زوجته؛ لأن الزمن قادر بفضل الله على تهدئة الناس، فالله عز وجل ينسي الناس البلاء.
وبعد أن انتهت الصلاة عاد إلى البيت يقدم رجلاً ويؤخر أخرى، فدخل وقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقالت: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما لك في الطعام؟ فقال: ومن أين لنا الطعام؟! فقالت له: بعد أن خرجت تصارعت حدأة مع غراب فوق بيتنا، فوقعت منهما قطعة لحم، فسجد لله شكراً وقال: أشكر ربي أن أرسل لي خادماً يحمل عني قطعة اللحم.
فهؤلاء الناس كانوا في خدمة الله فكانت الدنيا كلها في خدمتهم، ولا عجب فالدنيا كلها في خدمة أهل الإيمان، وهذا معنى ما جاء في الأثر: يا دنيا من خدمك فاستخدميه، ومن استخدمك فاخدميه.
وكان الإمام الشافعي دائماً يقول: أمطري سماء سرنديب وفيضي جبال تكرور تبراً أنا إن عشت لست أعدم قوتاً وإذا مت لست أعدم قبراً همتي همة الملوك ونفسي نفس حر ترى المذلة كفراً فالإنسان المسلم وهو يمشي في طريق الله عز وجل، ويريد أن يتمثل الدرجة الثانية: درجة الدعاء المخلص لابد أن تكون أول زاوية من زوايا الدعاء أكل الحلال.