فإذاً: من أجل أن أدخل على الله عز وجل فإن أول درجة أصعدها التوبة، والتوبة هي: أن أنزع عن الذنب وألا أعود إليه مرة أخرى وأن أعزم على عدم العودة وأن أرجع الحقوق إلى أصحابها، لكن لها حقيقة أخرى، يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: (التائب حبيب الرحمن)، أنت لو أخطأت خطأً مدنياً في القانون المدني يحسب خطأ مدنياً، ويحكم عليك، وتعد من أصحاب السوابق، وتوضع في ملف الحالة الجنائية، ولا يمكن أن تمسح، حتى لو قضيت مدة العقوبة.
أما عند الله عز وجل فإن عمل رجل سيئات وذنوب وجرائم: لم يصل، ولم يصم وغيرها من الذنوب والمعاصي، ثم يقول: تبت إليك يا رب! فإنه لن يفتح له الملفات أو يقال له: إن صحيفتك التي فيها السوابق مليئة؟ لا، بل العكس، قال تعالى: {فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان:70]، فإنه لا يمسحها فقط، بل إن الذنوب عندما تمسح يكون له رصيد مصفى بالحسنات، أي: يكون له مكان السيئة حسنة، ولا عجب فالله هو الكريم سبحانه.
ومن ميزات التائب أيضاً ما قاله عنه الحبيب صلى الله عليه وسلم: (عاشروا التوابين فإنهم أرق أفئدة)، وذلك لأن قلوبهم ما زالت لينة طيبة، أما الذي يصلي منذ زمن، فالبعض يظن أنه عمر بن الخطاب، يقول لك: الحمد لله نحن نصلي ونحن كذا، وكان الأحرى أن يسأل الله القبول، وأن يديمها عليه نعمة، فإن من أعظم النعم من الله على العبد أن يرزقه الهداية.