الحمد لله رب العالمين، حمد عباده الشاكرين الذاكرين، حمداً يوافي نعم الله علينا ويكافئ مزيده.
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد، اللهم صل وسلم عليه صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين.
أما بعد: فنسأل الله عز وجل أن يغفر لنا ذنوبنا ويرحمنا.
اللهم لا تعذبنا فأنت علينا قادر، اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم أن نلقاك، ولا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا كرباً إلا أذهبته، ولا صدراً ضيقاً إلا شرحته، ولا غائباً إلا سالماً غانماً رددته، ولا ضالاً إلا هديته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ظالماً إلا قصمته.
اللهم تب على كل عاص، واهد كل ضال، واشف كل مريض، واقض دين المدينين، اللهم اقض دين المدينين، واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا.
يا أرحم الرحمين ارحمنا، فإن لم نكن أهلاً لرحمتك فرحمتك أهل لأن تصل إلينا.
اللهم توفنا على الإسلام، اللهم احشرنا في زمرة المؤمنين، اللهم احشرنا في زمرة المؤمنين اللهم أبعد عن بيوتنا وأبنائنا وبناتنا وذرياتنا وأزواجنا شياطين الإنس والجن.
اللهم باعد بيننا وبين الحرام بعد المشرقين، وبارك لنا في الحلال وإن كان قليلاً، وحببنا إلى الحلال يا أكرم الأكرمين.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم كما رزقتنا الإسلام من غير أن نسألك ارزقنا الجنة ونحن نسألك، اللهم أدخلنا الجنة بدون سابقة عذاب، اللهم أدخلنا الجنة بدون سابقة عذاب، اللهم أدخلنا الجنة بدون سابقة عذاب، واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين.
هذه -بمشيئة الله عز وجل- هي الحلقة السابعة عشرة في سلسلة حديثنا في السيرة العطرة على صاحبها أزكى وأفضل الصلوات والتسليم من رب الأرض والسماوات، وهي الحلقة الرابعة في الحديث عن الصلاة.
وإن حلقات السيرة النبوية ليست منهجاً دراسياً نكمله، بل إن حلقات السيرة العطرة حلقات هامة؛ لأنها تلمس كل جوانب الدين الإسلامي من ناحية العقيدة ومن ناحية التشريع.
وحين توقفنا عند أحداث السنة العاشرة من البعثة تحدثنا عن الإسراء والمعراج، فتوقفنا عند أهم نقطة في مسألة الإسراء والمعراج، وهي الصلاة، حتى لقد قال الحسن البصري رضي الله عنه: لو بعث أحد من الصحابة في مدينة من مدن الإسلام أو قرية من قرى الإسلام فلن يعرف من الإسلام إلا الصلاة.
فالإسلام انتهى ولم يبق منه للمسلمين إلا الصلاة؛ لأنه سيمشي في الشارع فسيلقى امرأة لابسة بنطلوناً وأخرى لابسة الشورت، وأخرى جعلت شعرها أخضر، وأخرى جعلت عينيها حمراوين، فكل هذا سوف يراه، ولكن يرى نسوة يسرن كما أمر الله عز وجل، كما قال الله عز وجل عن المرأة الصالحة وبنت الرجل الصالح: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} [القصص:25]، فلن يجد هذا الاستحياء، ولن يجد حياء عند البنت ولا خفض صوت عند المرأة، بل بالعكس، فربما يجد أصوات الرجال قد انخفضت وأصوات النساء قد علت، فيتعجب من اختلاط الحابل بالنابل، فقد اختلط الرجال بالنساء في كل مكان، وأصبح في هذا الوقت الرجال مختلطين بالنساء في الباصات، وفي مكتب الوظيفة، فكل موظف جالس مع موظفة يتكلمان، ويعرف أدق أسرارها ويقول لك: هذه مثل أختي، وهي تضحك على نفسها وعلينا وتقول: هذا مثل أخي، وأنا أشكو له همي، ومدير المكتب هذا مثل أبي، والموظف الجديد هذا مثل ابني.
واختلطت الأمور ببعضها حتى إن الإنسان لا يستبين الحق من الباطل، ولكن الحق له مقياس واحد، فإن اختلفنا في شيء فحكمه إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم، فيجب أن نرد كل أمورنا إلى الله عز وجل، فلو أن أحداً من الصحابة بعث ونظر إلى الأسر والمجتمعات الإسلامية لهاله ما يرى، بل سوف يراع ويخاف ويرتعش، ويقول: هل هذه هي أمة محمد؟! هل هذه خير أمة أخرجت للناس؟! هل هي الأمة التي فيها الخير كله وفيها البركة كلها، وفيها تتمثل رحمة الله عز وجل للبشرية كما قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110]؟! فاللهم احشرنا في زمرة الصالحين وأكرمنا ولا تهنا يا أكرم الأكرمين.