ومما يشير إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ -فكبر الصحابة فرحاً بهذا الخبر، ثم قال: أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟)، وهنا ينبه على أن المسلم إذا وجد شيئاً يعجبه يقول: الله أكبر ولا يصفق، لأن التصفيق إنما جعل للنساء.
ثم قال صلى الله عليه وسلم: (أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟ فكبر الصحابة، فقال: أترضون أن تكونوا شطر أهل الجنة؟ -أي: نصف أهل الجنة- فكبر الصحابة ثم قال: أترضون أن تكونوا ثلثي أهل الجنة؟ فكبر الصحابة.
ثم قال: أهل الجنة مائة وعشرون صفاً أمتي ثمانون صفاً).
يذكر أن رضوان خازن الجنة يقف على الباب، فإذا جاء إليه أحد يريد أن يدخل سأله: من أنت؟ يقول: فلان، فيقول له: من أي أمة؟ فيقول: من أمة محمد، فيقول حينها: ما أمرت أن أفتح لأحد قبل أمة محمد، أي أنهم أول الناس دخولاً، ولذلك يقول سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم: (لكظيظكم على باب الجنة أحب إلي من شفاعتي)، إذ أن شفاعته هي من أجل أن يدخل عدد منا الجنة، لكنه حين يراهم مزدحمين على باب الجنة يفرح وازدحامهم أحب إليه.
ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في الرؤيا التي رآها -والحديث رواه الإمام البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما وعن أبي هريرة -: (ورأيت رجلاً من أمتي والنبيون جلوس حلق حلق)، رأى في الرؤيا أن كل نبي جالس وحوله حلقة ذكر وعلم، وفي هذا حث على تتبع حلق العلم والبعد عن مجالس اللهو والموسيقى العربية أو الغربية.
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كلما جاء -أي: الرجل الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم- إلى فرج حلقة منع منها، فجاءته صلته للرحم فأجلسته الملائكة بجواري).
وصلة الرحم عظيمة جداً، حيث أجلست صاحبها بجانب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، كأنه علي بن أبي طالب، أو الحسين، أو أبو بكر.
ثم قال صلى الله عليه وسلم: (ورأيت رجلاً من أمتي يكلم الناس ولا يكلمونه فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فأمر الله الناس أن يكلموه فكلموه، ورأيت رجلاً من أمتي يقوم على الصراط ويكبو -أي: يقوم ويقع- تريد أن تتخطفه كلاليب جهنم، فجاءته صلاته علي فأوقفته فدخل الجنة سالماً)، اللهم صل على حبيبك رسول الله، صلى الله عليك وسلم، صلى الله عليك وسلم.