وقوله صلى الله عليه وسلم: (بشر هذه الأمة بالثناء والرفعة)، فالثناء من الله ومن الملائكة ومن الرسل أيضاً، فهم يثنون على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، كما يثني عليها أتباع الرسل يوم القيامة، وقد ثبت أن المسلم من ضمن الشهداء الذين يشهدون على أمة نوح، وأمة إبراهيم، وأمة لوط، وأمة موسى، وأمة عيسى، وكل الأمم، فتأتي أمة نوح ليسألهم رب العباد: يا قوم نوح! هل بلغكم نوح الرسالة؟ فيقولون: لا، يا رب! ما بلغنا.
فيسأل نوحاً: يا نوح هل بلغت؟ يقول: نعم يا رب لقد بلغت، فيقال: لكن قومك ينكرون، أمعك من شهود؟ فيقول: نعم يا رب، فيقال: من يشهد لك؟ فيقول: أمة محمد، فيقال لأمة محمد: أتشهدون يا أمة محمد؟ فيقولون: نشهد يا ربنا أن نوحاً بلغ قومه، فيقول قوم نوح: كيف تستشهد علينا قوماً لم يرونا؟ أي: كيف يشهدون علينا وقد جاءوا بعدنا بعشرة آلاف سنة أو عشرين ألف سنة! ولله الحجة يوم القيامة ولكي لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، يقول: يا أمة محمد كيف تشهدون وأنتم ما رأيتم نوحاً ولا قومه؟ فتقول أمة محمد يا ربنا! قرأنا كتابك وعلمنا أن ما فيه صدق، وقرأنا فيه أن نوحاً قد بلغ قومه وصدقنا بما جاء به محمد، فيقال: صدقتم يا أمة محمد، وهكذا سائر الأمم.
ثم يأتي بعد ذلك من يشهد على الأمة، وهو سيدنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً * يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} [النساء:41 - 42].
ومعلوم أن شهادة الحبيب غير شهادة الكاره، ومن ذا يساوي الرسول صلى الله عليه وسلم خوفاً على أمته، يروى أن الله قال له: يا محمد! أأجعل إليك حساب أمتك؟ فيقول الحبيب: (كلا يا رب، بل حسابهم إليك فأنت أرحم بهم مني).