ذكر بعض ما شرف الله به أمة محمد على من قبلها

وعودة إلى الحديث الذي صدرنا به كلامنا: أمسك سيدنا موسى عليه السلام الألواح، بعد أن ألقى الله له الألواح على الجبل، فلما تلقى الألواح وفيها الوصايا العشر، وجد في الألواح صفات أمة معينة، لم تذكر من هذه الأمة؟ فقال: يا رب! أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدروهم -أي: الكتاب المقدس الذي نزل عليهم يستطيعون حفظه، ومعلوم أنه لا أحد من القساوسة يستطيع أن يحفظ الإنجيل، ولذلك إذا تحدث أحدهم بجملة من الكتاب المقدس اضطر إلى فتح الكتاب ليأتي بالعبارة فهو لا يجيد حفظها- فقال موسى: اجعلهم أمتي يا رب! قال: كلا يا موسى إنما هم أمة أحمد، قال موسى: وأرى في الناس أمة من الأمم من هم منهم بحسنة ولم يعملها كتبتها له حسنة، فإن عملها كتبت له عشرا، وإن هم بسيئة ولم يعملها ما كتبتها عليه شيء فإن عملها كتبت عليه سيئة واحدة، اجعلهم أمتي يا رب! قال: كلا يا موسى إنما هم أمة أحمد.

قال: أرى في الألواح أمة صدقاتهم يأكلونها، -إذ الصدقات من قبل كان لا يحل أكلها، ويروى أن إسرائيل كان إذا أراد أن يخرج صدقة يضعها فوق الجبل، ودليل قبول الصدقة أن تنزل صاعقة لتحرقها، فإذا نزلت الصاعقة وأحرقت ما قدم كان ذلك دليلاً على قبول الصدقة، وإذا لم تنزل الصاعقة فالصدقة غير مقبولة، أما نحن فبإمكان الغني أن يعطي الفقير ولا حرج أن يذهب فيأكل عنده- قال موسى: اجعلهم أمتي يا رب! قال: كلا، إنما هم أمة أحمد.

قال: يا رب! أرى في الألواح أمة هم آخر الأمم، ولكنهم أول الناس دخولاً إلى الجنة، اجعلهم أمتي يا رب! قال: كلا يا موسى إنما هم أمة أحمد- وهكذا حتى عدد إحدى عشرة صفة، والحديث رواه ابن عباس وحسنه مسلم رضوان الله عليه، وقال: الحديث حسن صحيح، فأقسم ابن عباس راوي الحديث فقيل: يا ابن عباس! أنت تحلف؟ قال: لأن الرسول قد أقسم، وقال: فوالله لقد ألقى موسى الألواح من بين يديه وقال: اللهم اجعلني من أمة أحمد.

وهذه دلائل العظمة للأمة المحمدية -الأمة الإسلامية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015