نحمد الله رب العالمين حمد عباده الشاكرين الذاكرين، حمداً يوافي نعم الله علينا ويكافئ مزيده.
وصلاةً وسلاماً على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد، اللهم صل وسلم وبارك عليه صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين.
أما بعد: نسأل الله عز وجل ألا يجعل لنا ذنباً إلا غفره، ولا مريضاً إلا شفاه، ولا عسيراً إلا يسره، ولا كرباً إلا أذهبه، ولا هماً إلا فرجه، ولا عيباً إلا ستره، ولا ديناً إلا قضاه، ولا مريضاً إلا شفاه، ولا ضالاً إلا هداه، ولا ميتاً إلا رحمه، ولا مسافراً إلا رده غانماً سالماً لأهله، اللهم رد إلينا المسافرين، ورد علينا الغائبين سالمين غانمين يا رب العالمين.
اللهم اجعل هذه الدروس في ميزان حسناتنا يوم القيامة، اللهم ثقل بها موازيننا، واجعلها خالصة لوجهك الكريم، ولا تجعل للشيطان فيها حظاً أو نصيباً، واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين.
اللهم انصر الإسلام والمسلمين، وأعل بفضلك كلمتي الحق والدين، وانصرنا على أعدائنا يا أكرم الأكرمين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فإني استشرت واستخرت كثيراً قبل أن أبدأ بهذه الدروس ولم أجد أفضل ولا أعظم من أن نتحدث عن السيرة العطرة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيكون حديثنا عن حالة العرب قبل الإسلام، ومولده صلى الله عليه وسلم، ومكثه في مكة، وزواجه من السيدة خديجة، وبعثته عندما صار عمره أربعين سنة، واستمراره في الدعوة ثلاث عشرة سنة في مكة، ثم الهجرة ومكثه في المدينة وتأسيس الدولة المسلمة، ثم الغزوات.
ومن خلال هذه السيرة العظيمة لأفضل الخلق، نستطيع الحديث عن حال المسلمين، فإذا نظرنا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في ولادته وفي صغره -وما كان صغيراً قط- نرى ونتعلم كيف نربي أولادنا، وسوف نتحدث عن تربية الأولاد في الإسلام.
وعندما يصل الرسول إلى سن الشباب، فسوف نخرج أحاديث إلى الشباب في زمن ارتكبت فيه الفتن ما ظهر منها وما بطن، ونسأل الله العصمة لنا ولشبابنا ولأبنائنا ولصغارنا وكبارنا.
ثم نتحدث عن الرسول صلى الله عليه وسلم معلماً، فنتحدث عن صفات المعلم، وعن صفات المتعلم وعن فضيلة العلم.
نتحدث عن الرسول داعية إلى الله، فنتعلم كيف يدعو الإنسان إلى الله عز وجل، ونتحدث عن الرسول كأب؛ لنرى كيف كان أباً في بيته، نتحدث عنه كزوج؛ لنتوقف عند حقوق الزوج على زوجته وحقوق الزوجة على زوجها، وهذه أشياء مهمة.
ونتحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قائداً محنكاً وسياسياً بارعاً ومفاوضاً عظيماً؛ لنتحدث عن موقف المفاوضات والمعاهدات في الإسلام، ونتحدث عن الغزوات لنرى الرسول قائداً عسكرياً عظيماً لا يشق له غبار وكيف كان يخطط، وكيف كان ينظم مواقف القتال ونعرف موقف الإسلام من القتال.
نتحدث عن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو فقير كيف كان يتعامل وهو غني، وعندما دخل الناس في دين الله أفواجاً، ونتحدث عنه في حالة اليسر وفي حالة العسر، ونتحدث مجملاً عن قول الله عز وجل فيه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4].
ونتحدث عنه كيف كان يعامل أعداءه، وكيف كان يعامل أهل الذمة، كيف كان يعامل المنافقين الذين كان يعرفهم واحداً واحداً، ونتحدث عنه حليماً يحلم على الناس، فقد وسع صدره العالم كله فدخل الناس في دين الله أفواجاً محبةً في رسول الله صلى الله عليه وسلم واقتداءً به.
نتحدث عنه عند وفاته وكيف صبر صحابته على هذه الفاجعة الكبيرة التي نحن في خضم حياتنا لا نذكرها إلا قليلاً، فنتحدث عن الصحابة كيف كانوا تلاميذ نجباء لأشرف أستاذ عرفته البشرية صلى الله عليه وسلم.
هذا مجمل عناوين الحديث عن السيرة العطرة، وأدعو الله عز وجل إن كنا من أهل الدنيا أن يعيننا على شرحها وتوضيحها والخروج بالدروس المستفادة منها.
فاللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه يا أكرم الأكرمين.