فتلك المرأة قالت: (يا رسول الله! أليس الله أرحم بنا مني بولدي؟! فبكى صلى الله عليه وسلم حتى اخضلت لحيته بالدموع، ثم قال: يا أمة الله! لن يعذب الله عز وجل في النار إلا من شرد وأبى، قالت: ومن يشرد ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من لم يقل: لا إله إلا الله) فهذا هو الذي سيعذب في النار.
ولكن ليعلم أن (لا إله إلا الله) لها حقوق، فأنا إذا شهدت الشهادتين وصليت كما ينبغي وزكيت وصمت رمضان وحججت البيت إن استطعت إلى ذلك سبيلاً، فهل يعني ذلك أنني انتهيت من تطبيق الإسلام؟! لا، إن هذه هي أركان الإسلام، وليست الإسلام كله، مثلما يصف سيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم صحابته: (أنا مدينة العلم وعلي بابها، وأبو بكر حيطانها وعثمان أرضها وسقفها).
وإن من عظمة (لا إله إلا الله) أنه يؤتى بعبد يوم القيامة وزنت أعماله فخفت موازينه والعياذ بالله، فأيقن بالهلكة، فجاءت الملائكة ببطاقة فيها: (لا إله إلا الله)، فألقوها في ميزان حسناته، فطاشت سجلات سيئاته، فقال جبريل: لقد سعد فلان ابن فلان سعادة لن يشقى بعدها أبداً، فاستبشر العبد خيراً قال: ما في هذه البطاقة؟ فوجد فيها مكتوباً: لا إله إلا الله محمد رسول الله، ولا يثقل مع اسم الله شيء، فلو وضعت (لا إله إلا الله) في كفة والسماوات والأرض وما فيهن في كفة لرجحت كفة (لا إله إلا الله).
فاللهم اجعلنا من أهل (لا إله إلا الله) واحشرنا في زمرة أهل (لا إله إلا الله) آمنين مطمئنين يا رب العالمين.
فالله عز وجل جعل كلمة التوحيد كلمة تقال باللسان، ولكن يجب أن نطبقها بالجنان، فأركان الإيمان ثلاثة: تصديق بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالأركان.
فتقول أنا مؤمن، وتصدق هذا الكلام بالقلب، وعملك يصدق هذا كله.
فلو أن شخصاً يقول: أنا مسلم وهو يلعب طاولة ويشرب البيرة ويدخن السيجارة ويقطع الرحم، ويظلم امرأته، ويختلس ويرتشي، فهل صدق بالجنان وعمل بالأركان؟! إن إسلامه لا ينفع، وإنما نريد إسلاماً كاملاً.
والقول باللسان يعقبه تصديق قلبي، ومعنى ذلك أني أقول: (لا إله إلا الله) أي: لا معبود بحق إلا الله، فلا أتوكل إلا على الله، ولا أخاف إلا من الله.