جعلنا الله تعالى ممن أناب إلى الحق ورجع وأصغى إلى الصدق وخشع، وأعاذنا برحمته من كل شرك وجنبنا كل زور وكذب وأفك، وجمعنا مع عباده الأبرار والمقربين في سلك، وجعلنا من الذين يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك.
والحمد لله وصلى الله عليه وسلم من لا نبي بعده سيدنا محمد وآله وصحبه وأتباعه وحزبه وغفر الله لنا وللمسلمين أجمعين آمين. وكان الفراغ من كتابة هذه المقامات في صبح يوم الاثنين المبارك أربعة أيام خلت من شهر الحجة الحرام الذي هو من شهور سنة 1267-سبع وستين ومائتين وألف من الهجرة النبوية، على صاحبها ألف سلام وألف تحية. وذلك على يد الراجي عفو ربه الوهاب، عمر بن الخطاب اللهم اغفر له ولجميع إخوانه المسلمين، ولمن قال اللهم آمين وصلى الله على محمد وآله وسلم.
لمولانا مجتهد العصر أبي الفضل عبد الرحمن جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى ورضي عنه
مشتملة على ذكر عشرة رياحين ومنافعها: الورد والنرجس والياسمين والبان والبنفسج والنسرين والنيلوفر والآس والريحان والفاغية:
قال مولانا شيخ الحديث جلال الدين الأسيوطي رحمه الله تعالى:
حدثنا الريان عن أبي الريحان عن أبي الورد إبان عن بلبل الأغصان عن ناظر الإنسان عن كوكب البستان عن وابل الهتان قال: مررت يوماً على حديقة، خضرة أنيقة، ظلولها وديقة، وأغصانها وريقة، وكوكبها أبدي بريقه ذات ألوان وأفنان، وأكمام وأكفان، وإذا بها أزرار الأنهار مجتمعة، وأنوار الأنوار ملتمعة، وعلى منابر الأغصان أكابر الأزهار، والصبا تضرب على رؤوسها من الأوراق الخضر بالمزاهر، فقلت لبعض من عبر، ألا تحدثوني ما الخبر فقال أن عساكر الرياحين قد حضرت وأزهار البساتين قد نظرت لما نضرت واتفقت على عقد مجلس حافل، لاختيار من هو بالملك أحق وكافل، وها أكابر الأزاهر قد صعدت المنابر، ليبدي كل حجته للناظر ويناظر، من بين أهل المناظر في أنه أحق أن يلحظ بالنواظر، من بين سائر الرياحين النواظر، وأولى بأن يتأمر على البوادي منها والحواضر، فجلست لأحضر فصل الخطاب، وأسمع لما يأتي به كل من فنون الحديث المستطاب.
فهجم الورد بشوكته ونجم من بين الرياحين معجباً بإشراق صورته، وقال: بسم الله المعين، وبه نستعين، أنا الورد ملك الرياحين، والوارد منعشاً للأرواح ومتاعاً لها إلى حين، ونديم الخلفاء والسلاطين والمرفوع أبداً على الأسرّة لا أجلس على ترب ولا طين، والظاهر لوني الأحمر على أزاهر البساتين، والأشرف من