مقامات الحريري (صفحة 455)

وغدِكَ. فكيفَ رَغِبْتَ عنْ سُنّةِ المُرسَلينَ. ومُتعَةِ المتأهِّلينَ. وشِرْعَةِ المُحْصَنينَ. ومَجْلَبَةِ المالِ والبَنين؟ واللهِ لقدْ ساءني فيكَ. ما سمِعْتُ من فيكَ. ثمّ أعْرَضَ إعْراضَ المُغضَبِ. ونَزا نَزَوانَ العُنظَبِ. فقلتُ لهُ: قاتَلَكَ اللهُ أتنطَلِقُ متبخْتِراً. وتدعُني متحيِّراً؟ فقال: أظنّكَ تدّعي الحَيرَةَ. لتَستَغْنيَ عنِ المُهَيْرَةِ! فقلتُ له: قبّحَ اللهُ ظنّكَ. ولا أشَبّ قرْنَكَ! ثمّ رُحْتُ عنهُ مَراحَ الخَزْيانِ. وتُبتُ منْ مُشاوَرَةِ الصّبيانِ. قال الحارثُ بنُ همّامٍ: فقلتُ لهُ أُقسِمُ بمنْ أنْبَتَ الأيْكَ. أنّ الجدَلَ منكَ وإلَيْكَ. فأغْرَبَ في الضّحِكِ وطرِبَ طَرْبَةَ المُنهَمِكِ. ثم قال: العَقِ العسَلَ. ولا تسَلْ! فأخَذْتُ أُسهِبُ في مدْحِ الأدبِ. وأفضّلُ ربّّهُ على ذي النّشبِ. وهوَ ينظُرُ إليّ نظرَ المُستَجْهِلِ. ويُغْضي عني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015