نعم صبغة قائمة على عبوديتها لله وحده وإيمانها بكتبه ورسله، عبودية قائمة على إفراد الخالق المعبود بالخلق والأمر:"ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين"، عبودية لا تتجه إلا على أصول العقيدة والتوحيد، ولا تقوم إلا على الحق والإيمان، فلا عقيدة تستقر في القلوب إلا عقيدة الإيمان بالله والإيمان برسله، والإيمان بكتبه وشرائعه، والإيمان بالبعث بعد الموت والدار الآخرة دار الجزاء الحق، ولا شريعة تحكم الحياة البشرية وتقوم مسيرتها، وتهذب أخلاقها، وتصلح مجتمعاتها، وتبني سياستها واقتصادها، وحربها وسلمها، إلا شريعة هذا الدين الحق؛ لأنه الدين المنزل من عند الله وحده، فليس من دين غيره يقبل عند الله كما قال تعالى:" إن الدين عند الله الإسلام .. الآية"، وكما قال أيضاً لمن اعتقد ديناً يدين به سواه:" ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين"؛ ولأنه الدين الذي ارتضاه لها:" ورضيت لكم الإسلام ديناً .. الآية"،"ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون"؛ ولأنه الدين الذي ضمنه الله تعالى كل جوانب السعادة والهداية في الحياة الدنيا وفي الآخرة:" فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى ... الآيات"؛ ولأنه دين الحق الجامع لكل مظاهر الحياة البشرية وفق منهج الله تعالى، الشامل الكامل والصالح لكل زمان ومكان:" لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم أفلا تعقلون".

فالدعوة الإسلامية دعوة إلى الإسلام نفسه، دعوة إلى إنقاذ البشرية من الهلاك والضياع والتيه في الظلمات، والسير في ركب الشيطان وأتباعه، ودعوة إلى تحقيق سيادة ملك الله في الأرض وفي دنيا الناس، ودعوة إلى قيادة البشرية بمنهج الله تعالى الخالد الباقي إلى يوم الدين، وإفراده سبحانه بالعبادة والتشريع دون من سواه من المخلوقات، ودعوة لبناء النفس والإنسان الصالح لإقامة خلافة لله في الأرض، ودعوة لتحرير النفس البشرية من رق العبودية والذلة لغير خالقها، تحريرها من سلطان الشيطان عليها بكيده ومكره، وتحريرها من الخوف من ذوي السلطان والطاغوت الذين لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً، وتحريرها من تقديس الذات والمال واللهث وراء أعراض الدنيا الفانية القليلة، وتحريرها من الخوف والطمع إلا في خالقها وموجدها سبحانه وتعالى، ودعوة لتزكية الأنفس والقلوب بمعرفة خالقها والتقرب إليه والطمع في رحمته وجنته، ودعوة للتصدي للشيطان الرجيم ومكائده وحبائله، والوقوف أمام فساد أتباعه وأعوانه الذين يتملقون البشرية ويلهثون خلف الشهوات الكامنة، واللذات المحرمة، ولا يراعون لها أدباً ولا حرمة ولا كرامة، ودعوة لبناء مجتمع رباني نظيف قائم على رعاية الآداب، وحفظ الحرمات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015