وقال أيضاً: "ولا تزاحم الرجال، وينبغي أن يكون سعيها بين الصفا والمروة بالليل، كما تقدم في طوافها بالبيت، لأنه أستر وأسلم من الفتنة.
وقال بعض الشافعية: إنها إذا سعت بالليل في حال خلوة المسعى استحب لها شدة السعي في موضعه كالرجل ... ولا ترقى على الصفا ولا على المروة عند الشافعية والحنابلة، وقال المالكية تصعد إذا كان المكان خالياً، وهو مقتضى كلام الحنفية، وقول بعض الشافعية المتقدم" (?).
وقولهم: لاتقف المرأة على الصفا للدعاء إلاّ إذا خلا المكان عن مزاحمة الرجال، ويكون سنة في حقها إذا خلا المكان (?).
ومن مراعاة بعض أمهات المؤمنين للأمر بلزوم البيوت ونبذهن الاختلاط، اكتفاؤهن بحجة الفريضة، وترك القيام للتطوع، وهذا مأثور عن زينب وسودة رضي الله عنهما، امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم لأزواجه: "هذه ثم ظهور الحصر" (?).
خاتمة:
مما سبق نخلص إلى أن الشارع حف الحج والعمرة بأحكام تكفل منع الخلطة المحرمة ومن ذلك اشتراط المحرم، ومع ذلك ندب المرأة إلى ترك مزاحمة الرجال، واستحب لها الفقهاء لأجل ذلك ما لم يستحبوه للرجال، حتى وضع بعض الحكام ضوابط تكفل ذلك، وهذا مع بعد الفتنة عند مهوى أفئدة المسلمين، وقد كان خير جيل بمن فيهم أمهات المؤمنين ونساء الصالحين يراعين ذلك فيمتزن عن الرجال، غير أنه تبقى نسوةٍ في القديم والحديث يصدق فيهن قول الأول:
من اللائيْ لم يحججن يبغين حِسْبَةً ولكن ليقتلن البريءَ المُغَفَّلا
فعلى أخت الإسلام أن لا تغتر بهن، نسأل الله أن يصلح حال أخواتنا وأمهاتنا ونسائنا ونساء المسلمين.
وما سبق يدلك على أن من استدل على جواز الاختلاط في الجامعات بما يحدث في طواف الناس اليوم، فقد قاس مع الفارق أولاً، على أمر ليس كله مقر شرعاً، والله نسأل أن يلهم ولاة أمر المسلمين إزالة المنكرات، وأن ينجح مقاصد المصلحين الناصحين، والحمد لله رب العالمين.