فهذه الأغاني يكثر فيها الحديث عن التعايش مع الكفار والأخوة الإنسانية والسلام والمحبة. وفي هذا السياق يقول أحدهم: (لا ينبغي أن تُحصر الأغنية الدينية في دين معين، أو أن تنحاز، أو يكون القصد منها محاربة دين آخر. على العكس؛ من خلالها نسبِّح الله الواحد الذي يوحدنا جميعاً باختلاف طوائفنا ومذاهبنا. هذه غايتي منها، وأعتقد أننا متفقون جميعاً على حبّ الله) (?) وفي إحدى الكلمات: أنشودة المسيح رسالة حرة على الأرض السلام، وبالناس المسرّة وترى في بعض الكليبات شيخاً محتضناً قسيساً يهنئه بمناسبة العيد والصليب يتدلى على صدره، والزنار مشدود على وسطه، ضارباً بعقيدة الولاء والبراء عرضَ الحائط، لذا تجد جزءاً من هذه الأغاني يكتب كلماتها أو ينتجها نصارى.

- الاختلاط:

فلا يكاد يخلو كليب من هذه الأغاني من اختلاط بين الرجال والنساء، إما في الأفراح، أو في حفلات التخرج الجامعي، أو في المناسبات العائلية أو الدينية. وفي أحد الكليبّات تظهر عروس وهي في كامل زينتها مع عريسها ليلة الزفاف سائرين بين الحضور، وفي آخر تمادى المنتج فأخرج لقطة لشاب وهو يغازل فتاة في السوق.

- التبرج والسفور:

ومع أن هذه الأغاني تحمل صفة دينية إلا أن مخرجيها لا يبالون أن يخرجوا النساء بلا حجاب مطلقاً، أو واضعات قطعة قماش على الرأس وهن في كامل زينتهن.

- الموسيقى:

يستخدم المغنون في هذه الأغاني جميع الأدوات الموسيقية بكل أشكالها وأنواعها؛ من الطبلة إلى القيثارة مروراً بالبيانو.

الآثار المترتبة:

- التلوَّن وذوبان الحقائق:

هو ناتج طبيعي لمثل هذه الأغاني، فإذا كان المغني على قناة يتحدث عن التوبة، وبمجرد ضغطة زر واحدة تجده على قناة أخرى في أحضان امرأة شبه عارية، فأيُّ معنى يبقى للتوبة التي يغني عنها؟ ومِنْ ماذا يتوب إذا كان وهو في كليبّ التوبة يعزف على (الناي)؟! فتُفرَّغ القيم الإسلامية بمثل هذه الممارسات من حقيقتها ويجتمع الإيمان والفسق. فهذا المغني الذي فُتِنت به نساء المسلمين، ولديه جلسات احتضان خاصة بالنساء، وأفلامه محل انتقاد عند السينمائيين أنفسهم؛ يأتي لِيوجّهنا إلى جعل «الجنة في بيوتنا»! وبهذا الشكل لا يبقى للمفاهيم الإسلامية خصوصية تبقيها متميزة عمّا سواها، زيادة على امتهانها والعبث بها بهذه الازدواجية.

- إضفاء الشرعية على مثل هذه الأغاني:

حتى تصبح واقعاً لا يصح إنكاره، بل ربما يُنكَر على من أنكره فيصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً. وهذا ينعكس على المغني نفسه؛ فلا يرى خطأ في شيء من ممارساته، بل يصده ذاك الاعتقاد عن التوبة إلى الله. وهذا ما حصل مع مغنٍّ شهير مات منتج كليباته بجواره، فعزم على التوبة، ولكنه اختار الغناء الديني، ثم بعد مدة عاد كما كان.

- تلبيس الحق بالباطل:

فالباطل هو الغناء والتشبه بالكفار في الزي والحركات، هذا كله يُلبَّس بالمعاني الإسلامية -المحرَّفة أصلاً -؛ فيروَّج للغناء بحجة أنه يحمل معاني إسلامية، وفيه خدمة للإسلام ووسيلة لنشر الدعوة؛ فيبقى هذا الباطل ويرسخ في النفوس على أنه مشروع، وتنتشر الأغاني في المجتمعات الإسلامية ويصبح سماعها سائغاً وتألفه النفوس.

- نشرٌ لعقيدة الإرجاء:

فهذا المغني الفاسق المتغزل بالنساء الشارب للخمر، إذا دخل المسجد ومدح النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحثَّ على بر الوالدين؛ أصبح نموذج المسلم الصادق. وتلك المغنية المشهورة بالتعري إذا لبست الحجاب وسألت الله؛ أصبحت الطاهرة العفيفة، فالفسق عند ذلك لا يضر إيمانهم؛ فالرقص يجتمع مع الصلاة، والغناء مع القرآن، والتعري مع الحجاب، ولا ينقض أحدهما الآخر في هذه الأغاني، فيبقى الإسلام مجرد ممارسات وطقوس ولا علاقة له بضبط رغبات الناس وشهواتهم ولا سلطة له عليها.

- نشر البدع بين الناس:

هو جزء مما تمكِّنه هذه الأغاني؛ فدعاء غير الله، والذهاب إلى الموالد، والحلف بغير الله؛ يُظهر على أنه في حقيقة الإسلام وصورته التي يتسم بها المسلم إن ظاهرة الأغاني الدينية هي سمة بارزة للتدين الجديد المتفلِّت الذي يسعى كثير من الليبراليين وغيرهم إلى الترويج لهؤلاء باسم (الإسلام المعتدل.) قال -صلى الله عليه وسلم -: «ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف» (?). ولهذا وغيره؛ فإنه من الواجب الاحتساب على هذا الشطح بجميع الوسائل المتاحة , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

المصدر: شبكة القلم الفكرية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015